07 نوفمبر 2025

تسجيل

خارج الحدود

11 أغسطس 2013

سأسمح لقلمي اليوم أن ينطلق خارج حدود الزمان والمكان ليبحر بين سطور الأدب العالمي الذي ننهل منه ومن قيمه عبر الترجمات، حيث الكاتب مختلف بنشأته وثقافته وبيئته لكن يبقى النبض الإنساني واحدا وهو ما يجمع أصحاب القلم أينما كانوا. (شتاينبيك) كاتب من الطراز الذي يحمل أوجاعه على سطوره ويمضي تاركا للقارئ حرية التفكير والتفسير، كتب دوما عن سعي الإنسان الأبدي من أجل الأرض والمأوى والاستقرار مثلما تحدث العديد من المبدعين فخلدوا مسيرة الإنسان والأرض كما خلدوا أنفسهم، يقول شتاينبيك: (طالما شاهدت المئات يسيرون في الدروب يتجهون صوب المزارع وصررهم على أكتافهم وفي رأس كل منهم قطعة أرض، كل امرئ يبغي قطعة صغيرة من الأرض) جون شتاينبيك كاتب أمريكي من رواياته (أفول القمر) (اللؤلؤة) (عناقيد الغضب) (شرقي عدن) هي بعض من رواياته التي استطاع بها أن يكون أحد الأدباء الخمسة الأمريكيين الذين فازوا بجائزة نوبل، هو كاتب فقير النشأة عانى كآلاف أطفال الفقراء في وادي ساليناس حيث كان مولده، بدأ حياته عاملا وكافح طويلا من أجل اللقمة ومن أجل الكلمة، اجتهد كثيرا وتألم كثيرا وكتب كثيرا ولأنه استطاع أن يصور قصة السعي الأبدي لفلاح الأرض والمجتمع وصراعه وكفاحه من أجل الحياة الأفضل فقد لقيت حروفه الصدى الذي تستحق في قلوب القراء في دول كثيرة من العالم إذ ترجمت رواياته إلى حوالي ثلاثين لغة وفي إحدى السنوات بيع من كتابه (عناقيد الغضب) أكثر من ثلاثة ملايين نسخة في الولايات المتحدة وحدها لقد نجح شتاينبيك في تصوير مآس ومشاعر إنسانية تضطرم في نفس كل إنسان في كل مكان وفي كل عصر وأيا كان مسرح أحداث حياته وأيا كانت ظروفه وبيئته فكل ما في نتاج هذا الكاتب يتحدث عن الإنسان فقط وكل ما في نتاجه ينبض بحس إنساني وضمير متيقظ نلاحظه بوضوح عبر أسلوبه البسيط البعيد عن التكلف والرموز. باختصار عرف العالم شتاينبيك من خلال إنتاجه الأدبي كاتبا وإنسانا، لقلمه قلب وضمير ومازال حتى يومنا هذا وبعد سنوات من رحيله يسمع ملايين القراء حول العالم صرخته القادمة من بين السطور من أجل المهمشين والمنسيين والفقراء، هو كاتب حول كل نتاجه إلى صرخات فنية أدبية رائعة مازلت اقرأ عنها ومنها في الدراسات والبحوث والترجمات العديدة وحتى الكتابات النقدية أتساءل فقط كم من الحزن يحتاجه القلم كي يبدع هكذا إبداع وكم من الألم يستطيع القلب تحمله كي يشرح هموم الآخرين ويتحدث بلسانهم ويبهر ويبدع ويصل بكل سهولة ويسر، بالتأكيد هو لا يحتاج إلا للصدق مع النفس بالدرجة الأولى والصدق مع القارئ الذي تأسره الكلمة ويدهشه الأسلوب ويعيش بين صفحاته عاشقا لحرفه ونبضه كما هو الحال مع كل المبدعين.