17 نوفمبر 2025

تسجيل

التـواصـل الاجـتـمـاعـي حـيـاة

11 يوليو 2021

في يد كل منا جهاز ذكي سواء هاتف أو أيباد أو لابتوب، وهذه الأجهزة أصبحت ضرورة ملحة ونظام حياة جديداً لا يمكن الاستغناء عن تلك الأجهزة من خلالها. ويستخدم الإنسان تلك الأجهزة لتلقي الأخبار أو الدردشة الاجتماعية مع الآخرين أو التعلم الذاتي الإلكتروني. إن التفاعل الاجتماعي هو سبيل للتواصل والتعارف، ومشاركة الانفعالات والاهتمامات، ومشاركة التفاصيل السعيدة، وسبيل لتخفيف المعاناة، فالفرد يشعر بالخجل الاجتماعي عن الحديث في تفاصيل مشاعره، خصوصاً مع الجنس الآخر، إذ تفرض القيود والأعراف الاجتماعية أن هناك قيودا وحدودا للتفاعلات الحية وجهاً لوجه. بينما في البيئة الافتراضية لمواقع التواصل الاجتماعي الأمر مختلف؛ فحاجة الفرد للظهور بالمثالية المتبعة والتي قد ينتقصها الفرد ليس في ذاته، وإنما في تفاعلات الآخرين معه، إنما يدفعه لأن يكون مثالياً في نصائحه، وتفاعلاته. اسأل نفسك كم الوقت الذي تقضيه مع الموبايل أو الآيباد؟ ما نسبة تواصلك مع الآخرين أو مع نفسك بواسطة تلك الأجهزة؟ هل تنظر إلى الوقت من خلال الساعة أو الموبايل؟ هل تعتمد الموبايل في الحصول على المعلومات والمعرفة ؟ كم عدد القروبات التي تشترك بها في تطبيق الواتساب؟ إن التفاعلات التي تتم إلكترونياً سواء أكانت صوتية أو مسجلة أو تفاعلات مرئية بالفيديو، هي تفاعلات ينتقصها الفرد، فالتفاعلات الحية تفترض أن يتفاعل الفرد طبقاً لمواعيد معينة وأوقات معينة. بينما في مواقع التواصل الاجتماعي يمكنك الحديث بودية مع زميلك، أو زميلتك، أو أستاذك، أو أستاذتك، أو مديرك، أو مديرتك. كما أنه يمكنك تفهم مشاعره من خلال الأحاديث على غرف الدردشة الشخصية بينكما، بينما في الروتين الرسمي للتفاعل لا يمكنك تخطي حد معين في التفاعل وإلا تعتبر منتهكاً لشروط التفاعل ومستوى الرسمية، بل والحيز الشخصي الذي تفرضه الوظيفة أو مكان التفاعل بينكما. كما توفر لك مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلاً اجتماعياً بين أشخاص لا يمكن أن تجمعهم علاقة رسمية في موقع العمل، أو محيط العمل، أو السكن، أو الدراسة. فالفرد لا يمكنه أن يتحدث بودية مع مديرته في الهاتف النقال، أو يدردش معها وجهاً لوجه، فإنها قد تنهره وتصده، بينما على مواقع التواصل الاجتماعي فإنه يستجيب لها وتستجيب له بالتفاعل في حدود قيود معينة يتفقان عليها إما في سياق الحديث، أو تفرضه ظروف الموقف الراهن للتفاعل. وفي الفترة الأخيرة، ومع ظهور الآلاف من التطبيقات في الأجهزة الذكية، فقد تحسنت صور التواصل الاجتماعي كأسلوب بديل للتواصل الحي، أو كاستجابة للتباعد الاجتماعي في ظل وباء كورونا، ليس هذا فحسب وإنما قد تكون هناك حالات يكون المرء فيها بحاجة للحديث مع الغرباء لخوفه من استغلال أصدقائه لتفاصيل مهمة في حياته للضغط عليه، وبالتالي كانت الحاجة لتفاعلات افتراضية تتسم بالمثالية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. تسمح لنا وسائل التواصل الاجتماعي بالتفاعل مع أشخاص آخرين ومع معلومات أخرى في العالم وتمنحنا إحساسًا بالانتماء. فيما يتعلق بالتفاعلات الاجتماعية المسموح بها، فالإنسان يبحث عمن يرتاح في الحديث إليه ورواية تفاصيل مزعجة تسبب له الضغوط والاضطرابات النفسية. وغالباً يفضل المرء أصدقاءه من الغرباء، فالفرد على سبيل المثال يفضل شخصا يتحدث معه بصراحة أثناء استقلاله لوسائل النقل مثلا، عن الحديث مع شخص يعرفه جيداً. وبالتالي، يصبح الفرد صديقاً لآخرين في مواقع التواصل الاجتماعي من نفس المشكلات المتشابهة أو من نفس الاهتمامات الأمر الذي قد يساعده على جبر الذات، أو تخطي مرحلة جلد الذات، أو عذاب الضمير الناتج عن قصور في طبيعة الهوية الذاتية التي أخفقت في علاج مشكلة بعينها. وبالتالي فالصداقة عبر فيسبوك مثلاً أو أي موقع تواصل آخر تمكن الفرد من للوصول إلى المعلومات المنشورة التي تعكس طبيعة الحالة النفسية والانفعالية، والرد عليها والمبادأة بحل مشكلات الآخر أو تقديم النصح لهٍ. آخر المطاف: الآن ليتفقد كل منا موبايله الخاص، وينظر إلى قائمة الأسماء، سيعيد ذلك الى مخيلته كل الذكريات الجميلة أو المؤلمة التي مرت به مع ذلك الشخص. همسة: لا تكذب أبداً على شخص يثق بك، ولا تثق أبداً بشخص يكذب عليك. دمتم بود. [email protected]