10 نوفمبر 2025

تسجيل

في انتظار الربيع الأدبي

11 أبريل 2013

بعد سنتين ونصف السنة تقريباً من انطلاق قطار الربيع العربي، يمكن أن يتساءل المرء عن أثر هذه الثورات العاصفة والمستمرة في نظرية الأدب، وهل يمكن أن يتأسس عمود جديد للشعر على أنقاض الحداثة الشعرية التي أحدثت أنماطاً فارقة، لها تبعاتها مثلما لها تجلياتها، ولئن كان عمود الحداثة مثار جدال؛ إلا أنه موجود كشاهد على مغامرة قرن كامل متسارع ومثير، شهد ثورات أدبية أخذت القصيدة إلى صومعة النخبة العزلاء، بعيداً عن جمهور الغاوين الذي وجد متعته مع وسائط جديدة كالتلفزيون، الجهاز الذي نضجت فيه فنون جديدة كالدراما وكرة القدم، والأغاني الرومانسية وكأنها اختزلت الرواية والشعر ومعارك القرون الوسطى، فيما ذهب الشعر في خطوات متسارعة إلى عزلة خانقة، رغم مئات الدواوين الشعرية ذات الألف نسخة التي تطبع سنوياً (في سورية وحدها فاق عدد الدواوين المطبوعة الأربعمائة ديوان سنوياً في السنوات الأخيرة). وإن كانت صدمة الربيع العربي قد فاجأت المثقف والشاعر، فإن القصيدة العربية مدعوة أن تثور كما ثار الشارع على نظامها الذي يعاني فساداً هو الآخر، حيث تخلقت علاقات جديدة وسمت المشهد العربي بميسمها، فمن تأثير المنبر الأيديولوجي على المشهد الأدبي، إلى جماعات الضغط المناطقية، إلى عصابات الأدب التي مكنت لأعضائها السطو على امتيازات النشر والسفر والمشاركات الخارجية، ولم تسلم معظم المسابقات الأدبية من الغمز والتشكيك والطعن بنتائج تلك المسابقات: " أمير الشعراء- البوكر العربية مثالاً"، وعلى الصعيد التقني فقد وقفت القصيدة العربية أمام تحديات كبيرة، أمام تطور الأشكال الأدبية، وعزوف الجمهور عن قراءة الشعر، وابتعاد الشعر عن هموم الناس، ونزوعه إلى الهيام في أودية الحداثة، وقول ما لا يفهم. وإذا فقد الشعر وظيفته الاتصالية الجماهيرية، فإن نزوعه الجمالية أخذه في متاهات كبيرة أبقته في واد؛ والناس في واد، حتى باتت مفردة " شاعر" تجعل صاحبها مستحقاً للرثاء. وبرغم ظروف النشر المثالية التي وفرتها الصفحات الافتراضية اللامتناهية، فقد منع الفساد الاجتماعي والأدبي الأدب من هذه الفرصة العظيمة، وباتت مساهمات الأدباء وأنصافهم وأرباعهم مقرونة بالمهارات الاجتماعية أكثر من الإبداعات الفنية، فلا بأس أن يكتب فلان أو تكتب فلان من بلد علان، ليسجل الفلانيون والعلانيون إعجابهم. كان حرياً بالأدب أن يقود قطار الربيع العربي، رغم أن بعض مشاغبيه كفتحي آدم وأحمد مطر وغيرهما، قد مهدوا السكة جيداً، لجيل قادم، غير أن الصرخة التي جاءت لم تولد على يد قصيدة.