09 نوفمبر 2025

تسجيل

محاربة اللغة العربية وسيلة لاغتيال حضارتنا من داخلها

11 مارس 2013

كان من أهم مرامي المستعمر الغربي القضاء على اللغة العربية حتى يضمن بذلك قطع الصلة بين المسلمين وتراثهم العربي الإسلامي، خاصة كتاب الله الذي يريدون أن يصبح كتابا غير مفهوم إذا هجروا الفصحى واكتفوا باللهجات المحلية. ومن هنا كانت الحرب التي شنّها الغرب على لغتنا ذات شقين: الأول يرمي إلى إبعاد المسلمين والعرب عن لغتهم وبذلك يقل علمهم وتضعف معرفتهم؛ والثاني يهدف إلى إزاحة الفصحى وإحلال اللهجات المختلفة في البلاد العربية مكانها. لذا فرض المستعمرون لغاتهم في بعض البلاد العربية في المدارس في مراحلها الأولى، ومنعوا العربية كما حدث في تونس والجزائر، واكتفوا في بعض البلاد بجعل لغاتهم أساسية مع العربية كما حدث في مصر. وفي مصر، قد بدأ تدريس كثير من العلوم بالانجليزية ابتداءً من السنتين الثالثة والرابعة الابتدائيتين عام 1888م، وفي عام 1891م، تقرر جعل التعليم بالانجليزية ابتداءً من السنة الثانية الابتدائية ثم في عام 1901م، تقرر تعليم الانجليزية في السنة الأولى الابتدائية، بل ذكر كرومر في تقريره السنوي لعام 1904م، أنه كانت هناك محاولة لإدخال الانجليز في الكتاتيب المصرية. وفي تقرير له يقول دانلوب (مستشار التعليم) إن التجربة برهنت على أن ذلك ضار بمكانة التعليم في المدارس – إذا جعل فيها التعليم بالعربية – وسيمنع المصريين من متابعة العلوم العصرية، لأن ذلك يفتح باب الترقي في الوظائف العالية بالحكومة. أما الدعوة إلى استبدال الفصحى باللهجات العامية فهي دعوة قديمة خطط لها الغرب منذ القرن الثامن عشر؛ ففي إيطاليا درست العامية العربية في مدرسة نابولي للدروس الشرقية التي أنشئت عام 1727م. وجُددت عام 1888م، وفي النمسا أنشئت مدرسة في فيينا عام 1754م، لتعليم لغات الشرق ومنها العربية، وجددت عام 1851م، وفي فرنسا أنشئت مدرسة بباريس للغات الشرقية عام 1759م، وكذلك الأمر في انجلترا وألمانيا وغيرهما. وقد كان أول مؤلف أجنبي خصص لدراسة العامية المصرية هو قواعد العربية العامية في مصر وقد ألفه ولهلم سبيتا عام 1880م، ومن الأجانب الذين دعوا إلى العامية وليم ويلكوكس المبشر الانجليزي. وقد نقل إلى العامية المصرية بعض مؤلفات شكسبير عام 1892م، كما ترجم الإنجيل إلى العامية عام 1925م. وقد أدت الدعوة إلى العامية إلى قيام كثير من العرب للرد عليها وكشف أهدافها مما أدى إلى إخفاقها، ولذلك لجأ أولئك الدعاة إلى طرق ملتوية، مثل الدعوة إلى تمصير العربية التي دعا إليها أحمد لطفي السيد، والدعوة إلى استعمال الحروف اللاتينية في الكتابة بدلا من العربية التي دعا إليها عبدالعزيز فهمي باشا. وتصف الدكتورة نفوسة زكريا واحدة من هذه الدعوات المغرضة بأنها: "يريد أن يباعد بيننا وبين القرآن ويحرمنا من تلك النعمة التي خصنا الله بها وهي معرفتنا للغة والقواعد التي تقوم عليها". ومن الغريب أن يدعو بعض العرب والمسلمين إلى ترك اللغة العربية الفصحى وهي أعظم اللغات الحية، في نفس الوقت الذي أحيت فيه إسرائيل العبرية وهي لغة قديمة ميّتة.