08 نوفمبر 2025
تسجيلقلت لصاحبي الداعية: نرجو تفصيل القول عن الفتح القوقازي تدريجيا حتى نهاية عهد الأمويين. قال صاحبي: في عام 22 ه/ 642 م، أرسل المغيرة بين شعبة والي الكوفة، قوات عربية لغزو أذربيجان، توغلت هذه القوات في أقاليم طبرستان وجيلان وقومس، وعقدت هذه القوات اتفاقيات سلام مع حكام ذه الأقاليم، ولم ينتج عن هذه الحملات استقرار للفتح الإسلامي في هذه النواحي، فقد كانت كلها غارات خاطفة، ولم يلق المسلمون مقاومة تذكر من أهلها، قد أعيد فتح هذه النواحي مرة بعد أخرى. فبعد موقعة نهاوند أرسل المغيرة بن شعبة قوات كافية إلى أذربيجان بقيادة حذيفة بن اليمان، فسار إلى العاصمة ردبيل، وقابلهم وانتصرعليهم، وصالحهم على جزية وشروط، ثم غزا حذيفة بن اليمان – أيضاً – موقان وجيلان وأوقع بهم وصالحوه على أتاوة، وولى ذربيجان بعد ذلك عتبة بن فرقد السلمي فأتاها من شهزور، وغزا نواحي كانت انتفضت على المسلمين، ثم قام الوليد بن عتبة بغزو أذربيجان 25 ه/ 646 ، وكان على مقدمة جيشه عبدالله بن شبل ومعه الأشعث بن قيس، فأغار على أهل موفان والبهير والطيلسان. وفي ولاية سعيد بن العاصي على الكوفة، وقع بأهل موفان وجيلان، وهزم أحد قواده وهو جرير بن عبدالله البجلي أهل أذربيجان عند أرم. ثم ولى علي بن أبي طالب الأشعث بن قيس أذربيجان، وجد أكثر أهلها قد أسلموا فأنزل اردبيل جماعة من أهل العطاء ووجدها وبنى مسجدها. يبدو أن الفتنة الكبرى التي ألمت بالدولة الإسلامية، وما تبعها من رب أهلية بين الإمام علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه – وبين معاوية بن أبي سفيان، قد عطلت حركة الفتح الإسلامي لبلاد ما وراء النهر، ولكن مع داية العصر الأموي بدأ تواصل الغارات الثغرية على هذه المنطقة حتى عام 85 ه. وبدأ الإسلام يشق طريقه بثبات بين الناس، وأصبحت بلاد ما وراء النهر بدورها مدافعة بحماس عن الإسلام وعاملة على نشره بين الأتراك الشرقيين، ولقد أخلصت بلاد ما وراء النهر للإسلام كل الإخلاص. وظلت لدولة الأموية والأتراك الشرقيون في صراع يتبادلون النصر والهزيمة حتى رجحت كفة الأمويين على يد الوالي الشجاع أسد بن عبدالله القسري.