16 نوفمبر 2025
تسجيلمن القصص المشهورة التي قرأناها ودرسناها في الابتدائية، قصة صاحب النقب، الذي لم يعرفه أحد حتى اليوم وإلى قيام الساعة.. وحقق الله ما أراده.حاصر القائد مسلمة بن عبد الملك بن مروان في إحدى المعارك ضد الروم، حصناً منيعاً لهم، لم يجد المسلمون طريقة لاقتحامه إلا واستخدموها دون جدوى.. حتى قام أحد الجند وقد تلثم، وأحدث نقباً في جدار الحصن دون أن يتنبه إليه جند الروم، فإذا ما طلع النهار، قام صاحب النقب باقتحام الحصن عبر النقب الذي أحدثه، وفتح أحد أبوابه، وما انتبه الروم إلا وجنود مسلمة وقد اقتحموا الحصن، مكبرين مهللين، وانتهى بذلك الحصار الطويل بهزيمة الروم.بعد أن انتهى المسلمون من المعركة، قام قائد الجيش مسلمة فنادى في جنده: "أين صاحب النِّقب؟" فما جاء أحد. فنادى أخرى: "إني قد أمرت الآذن بإدخاله ساعة يأتي، فعزمت عليه – أي حلفت - إلا جاء".في الليل والقائد بخيمته جاء رجل فقال للحاجب: "استأذن لي على الأمير". فقال له: "أنت صاحب النِّقب؟" قال: "أنا أخبركم عنه"، فأتى مسلمة فأخبره عنه، فأذن له، فقال: "إن صاحب النِّقب يأخذ عليكم ثلاثاً: ألا تُسَوِّدُوا اسمه في صحيفة إلى الخليفة، ولا تأمروا له بشيء، ولا تسألوه ممن هو"، فقال مسلمة: "فذاك له"، قال في استحياء: "أنا هو"!، فكان مسلمة، كما جاء بالروايات التاريخية، لا يصلي بعدها إلا وكان يردد دعاءً يقول فيه: "اللهم اجعلني مع صاحب النقب".هذا نموذج لمن يجعل عمله خالصاً لله لا يريد به أحداً سواه. إنه ممن تعلموا من مدرسة محمد، صلى الله عليه وسلم، الإخلاص في العمل، فحين جاء رجل إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "الرجل يقاتل حمية، ويقاتل شجاعة، ويقاتل رياء، فأي ذلك في سبيل الله؟، قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله". وعلى هذا النهج كان صاحب النقب يسير.خلاصة الحديث يكتبها ابن قيم الجوزية، رحمه الله، إذ قال: "إن الله إذا أراد بعبدٍ خيراً سلب رؤية أعماله الحسنة من قلبه، والإخبار بها من لسانه، وشغله برؤية ذنبه، فلا يزال نُصْبَ عينيه حتى يدخل الجنة، فإن ما تُقبِّل من الأعمال رُفع من القلب رؤيته، ومن اللسان ذكره".