16 نوفمبر 2025
تسجيلكان لفتاة في الخامسة والعشرين من العمر ابنة رجل دين بروتستانتي أن تكتب واحدة من أعظم قصص الحب في الوجود، فمرتفعات وذرينغ كما يصفها البعض قصة مستحيلة كان يجب ألا تكتب، فهي رواية جعلتنا نعتقد أن العالم يمكن أن يتصدع مثل لحاء بيضة عندما يتم الضغط عليه بفعل رغبة بشرية لا تقاوم). تلك هي مقدمة لأحد النقاد حيث كتب عن هذه الرواية العالمية العظيمة تحت عنوان الحب في المناخات الباردة. مرتفعات وذرينغ قصة حب اتخذت الفرح المجنون سبيلاً إلى الرغبة، وشقت طريقها إلى نسيج المجتمع كما طالبت بالتضحية بالأوضاع الثابتة والعائلة وبالتالي بالحياة برمتها، لقد أُقحم إيفان كرامازوف في رواية الإخوة كرامازوف، التي يمكن مقارنتها بمرتفعات وذرينغ، في رعب وجودي انبثق من فكرة مفادها إذا ما مات الإيمان فإن كل شيء ممكن. وفي مرتفعات وذرينغ تبدو إيميلي برونتي من خلال حكاية هيثكليف وكاثرين إيرينشو وكأنها تعلن ذلك. قصة الحب الرومانسية العنيفة والخارقة هذه تتحدث عن الرغبة التي هي أقوى من الموت، وهي لا تعترف بالموت على أنه يشكل عائقاً للعاطفة. وإذا كان ثمن رغبة العاشقين هو اللعنة، عندها من الممكن أن يبقى إبليس هو المسؤول عن دفة قيادة سفينة الكون لقد تم إخراج هذا النص الزاخر بالدهشة سينمائيا فكان الفيلم أقرب ما يكون إلى الرعب حيث تم طرح العمل في مزيج من الرومانسية والحب المستحيل والتحدي والخوف حيث صور المخرج أبطال هذه الحكاية كأشباح قادمة من عالم آخر تحاول الاتحاد بعالم العشاق وتعلن أن الموت مستحيل وأن الأشياء لا تنتهي مادام يسكنها عشق مجنون كتبت برونتي هذه الرواية عندما كانت في ريعان الصبا وقبل أن تموت بفترة قصيرة، أتلفت أوراقها الشخصية كلها التي ربما احتوت على رواية أخرى. لقد كان موتها الأغرب والأصعب كما هي صفاتها التي ذكرتها شقيقتاها في الرواية مرتفعات وذرينغ كتبتها امرأة قادرة على أن تفعل كل هذه الأشياء. لربما دفعها موت هيثكليف إلى انتحار متعمد. لكن موته لم يكن صادراً عن إرادة، بقدر ما كان نتيجة لغياب العقل نهائياً. لقد نسي هيثكليف أن يأكل في خضم توقه للوصال مع حبيبته الميتة. نسي، إذا جاز لنا التعبير، أن يعيش، ورغم ذلك فإن كاثرين ميتة وليست بميتة، إنها شبح مؤرق سكن موطن الأرواح، معلقة بين الأرض والسماء بإرادة مشبوبة، ومثلها لم يمت هيثكليف بقدر ما تخلى عن جسده. في هذه الرواية انتصرت العاطفة على الموت في تحد مرعب رغم أن جل الروايات الإنجليزية والأمريكية لم تكن تسمح بذلك لكن الكاتبة إيميلي برونتي قلبت الموازين رأسا على عقب عندما قررت أن تروي معاناتها وقصة حياتها التي اختارتها بحكاية حب لم تكن تعترف بشيء أبدا أبدا فعاشت تلك الحكاية ولم تمت بل ظلت مع الزمن أرواحا تائهة تحلق في المستحيل.