10 نوفمبر 2025
تسجيلأعلنت دول كبرى كالولايات المتحدة الأمريكية، والصين، والاتحاد الأوروبي عن التزامها بصياغة تشريعات وقوانين شاملة للذكاء الاصطناعي، تنظم دمج هذا النوع من الذكاء بسلاسة في قطاعات متنوعة من الرعاية الصحية إلى الخدمات المصرفية، وصولاً إلى دمجه في كافة مجالات الحياة، مع التركيز على استخدامه الأخلاقي والمسؤول. ويبقى التساؤل المطروح: ما هو موقف الحكومات العربية والمجالس التشريعية من القوانين المتعلقة بالذكاء الاصطناعي؟ وفي واقع الأمر، فإن مهمة صياغة القوانين في هذا المجال معقدة؛ لأنها تشكل توازناً دقيقاً بين حماية حقوق الأفراد وتعزيز التطور التكنولوجي؛ بسبب الحجم الهائل من البيانات التي تتعامل معه أنظمة الذكاء الاصطناعي يومياً. كيف يمكن ضمان احترام خصوصية البيانات الشخصية والسرية مثل السجلات الطبية والمعلومات المصرفية؟ وكيف يمكن منع هذه الأنظمة من التعرض لحقوق الأفراد؟ هنا تصبح التشريعات ضرورية؛ في ظل بيئة الذكاء الاصطناعي سريعة التغيير والتطور، حيث يُشترط أن تواكب وتنظم هذه التشريعات استخدامات التطور التكنولوجي، دون فرض قواعد صارمة قد تمثل تهديداً حقيقياً للابتكار التكنولوجي، وتؤدي إلى عرقلة تطبيق الذكاء الاصطناعي في بعض القطاعات، وحرمان المجتمع من فوائدها، بدلاً من وضع الضوابط وتحديد أطر الاستخدام الموثوق. ومن جهة أخرى، نجد أنَّ بيئة تنظيمية ضعيفة ستشكل خطورة بنفس القدر من الرقابة الصارمة، وفي الحالتين ستكون لها تداعيات سلبية على المجتمع. ومن هذا المنطلق، نجد أنه لا يمكن للحكومات تحقيق هذه التوازن المُعقد بين الخصوصية والضوابط والجزاءات من جهة، والابتكار والإبداع من جهةٍ أخرى، دون التعاون مع خبراء الذكاء الاصطناعي، والاختصاصيين، والقانونيين في صياغة التشريعات. إن ثورة الذكاء الاصطناعي ليست في الأفق البعيد أو جانب من عالم الخيال؛ إنها هنا. وفي الوقت الذي يُعاد تشكيل عالمنا، بات ملحاً وضرورياً أن تتضافر الجهود للسعي إلى بناء وترسيخ قاعدة وأسس لتشريعات مشتركة ومستنيرة، تستطيع من خلالها الدول العربية إصدار التشريعات والقوانين المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، مع مراعاة الابتكار والتطور وحماية خصوصية وثقافة المجتمع.