11 نوفمبر 2025
تسجيلأصابت النشرة الأسبوعية الأمريكية (ستراتيجيك ألرت) هذا الأسبوع كبد الحقيقة حين كتبت تقول:" إن زيارة سمو أمير الكويت للبيت الأبيض تشكل الأمل الأخير لدى واشنطن لإنقاذ مجلس التعاون الخليجي من الموت لأن أحد ثوابت الدبلوماسية الأمريكية هو بقاء المجلس شريكا متكاملا" و من هنا نوقن أن خطر الحصار لا يقتصر على التأثير في مستقبل هذه الدولة العضو أو تلك بل يطرح إشكالا أعمق و أبعد مدى و أشد وقعا و تداعيات على العلاقات الإقليمية و الدولية ألا وهو مستقبل مجلس التعاون لدول الخليج العربي الذي تأسس في 4 فبراير من سنة 1981 معلنا في بيان تأسيسه و ميثاقه أن الدول الخليجية الست تلتزم بإنجاز التكامل الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي و الثقافي بين أعضائه وصولا إلى الوحدة الكاملة. نصت الاتفاقية على أن كلا من دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة البحرين والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ودولة قطر ودولة الكويت وافقت فيما بينها على إنشاء مجلس تعاون، حيث ينشأ بمقتضى هذا النظام مجلس يسمى مجلس التعاون لدول الخليج العربية ويشار إليه فيما بعد بمجلس التعاون، ويكون مقر مجلس التعاون بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية. يعقد المجلس اجتماعاته بدولة المقر وله أن يجتمع في أي من الدول الأعضاء. تتمثل أهداف مجلس التعاون الأساسية فيما يلي:تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها. يتكون مجلس التعاون من الدول الست التي اشتركت في اجتماع وزراء الخارجية في الرياض بتاريخ 4 فبراير 1981م. يتكون مجلس التعاون من الأجهزة الرئيسية التالية: المجلس الأعلى وتتبعه هيئة تسوية المنازعات، المجلس الوزاري، الأمانة العامة. المجلس الأعلى هو السلطة العليا لمجلس التعاون ويتكون من رؤساء الدول الأعضاء وتكون رئاسته دورية حسب الترتيب الهجائي لأسماء الدول. يجتمع المجلس في دورتين عاديتين كل سنة ويجوز عقد دورات استثنائية بناء على دعوة أي من الأعضاء وتأييد عضو آخر. يعقد المجلس الأعلى دوراته في بلدان الدول الأعضاء. يعتبر انعقاد المجلس صحيحا إذا حضره ثلثا الدول الأعضاء.[1][2]و اليوم نشهد متأسفين متحسرين على مسار عكسي لتلك المبادئ المعلنة و إلغاء كامل لأي دور للمجلس ممثلا في أمانته العامة بل و إخراجه من المشهد الدبلوماسي الراهن و خاصة تعطيل جهازه لحل الأزمات الطارئة وذلك من جانب حكومات السعودية و الإمارات و البحرين و بإرادتها هي فقط أمام سعي الدول الثلاث الأخرى و عزمها على تفعيل دور دول المجلس و أولاها ضحية الحصار الجائر دولة قطر و ثانيها دولة الكويت التي أسرعت منذ الساعات الأولى من الأزمة إلى ممارسة دور رفيع في الوساطة الخيرة باركه الجميع و عزز مسعاه و ثالثها السلطنة العمانية التي تتابع تطور الأحداث بعيون حائرة ! فهل يعقل أن يشطب من المسرح السياسي مجلس كنا اعتبرناه عن حق بيضة الديك العربي لأنه الوحيد اليتيم الذي واجه المحن بحكمة قادته و التفاف شعوبه خلال أكثر من ثلث قرن بل يشهد التاريخ أنه تجاوز عواصف الحروب الإقليمية و الأزمات الشديدة بعزم لا يلين و جنب إقليم الخليج أسوأ ما تعرض له من مؤامرات ثم لم نكن نتوقع أن ينهار ذلك الطود الشامخ في لحظة أخطاء التقدير التي مر عليها تسعون يوما دون أن يحاول أعضاؤه المؤسسون الثلاثة الذين بدؤوا بالحصار تفعيل مؤسساته في الرياض لرأب الصدع و قول كلمة الحق قبل أن تستفحل الأزمة ! معتبرين كما كنا نتوقع أن المجلس أمانة في أعناقهم سيرثها من بعدهم أبناؤهم و يتسلمونها على الأقل على وضعها قبل يونيو 2017 ؟ ثبت اليوم أن نية قتل المجلس كانت تحرك البعض خدمة لأجندات غير خليجية بل معادية لأي تضامن عربي أينما كان ! فالقوى التي تسعى جاهدة لوأد المجلس ليست عاجزة عن تحقيق غاياتها عبر تخريبه من الداخل وقد نجحت هذه القوى أو كادت في زعزعة الكيان الخليجي من داخله و بأيدي أبنائه. نقول كادت لأننا كعرب يهمنا أمر أمن العرب لما نزل نؤمن أن إحباط مؤامرات الأعداء ممكن و هو رهين بعودة الرشد و الوعي لمن تورط في الخطإ. فكم من مرة شهدت دول الخليج الشقيقة أزمات بأشكالها المتعددة و تجاوزتها و وجدت لها حلولا داخل البيت الخليجي و مسحت آثارها بحكمة و ترفع و ما يزال الأمل يحدو الخليجيين و المقيمين لديهم و الذين أخلصوا لهم المودة من إخوتهم العرب بأن الفجر آت لا ريب فيه بعد أن تنقشع سحب الريبة و سوء التفاهم و تنفتح القلوب و الضمائر لتصون الأهم أي مؤسسات مجلسهم التي أثبتت قدرتها على البقاء رغم الداء و الأعداء كالنسر فوق القمة الشماء.