05 نوفمبر 2025

تسجيل

لبنان الجريح

10 أغسطس 2020

لم يفارق لبنان بلد الجمال والهواء العليل والخضرة والوجه الحسن الكرب منذ زمن طويل، فمنذ أن مزقت الحرب الأهلية في ماضي السنين جسده، وتركت به جراحا لم يندمل بعضها حتى يومنا هذا، ولم تغب تلك الحرب اللعينة عن ذاكرة اللبنانيين، والكثير يحتفظ بذكرى أليمة بسببها، وتوالت بعد ذلك الأحداث على لبنان ولم تكن للأسف سعيدة، فمن حروب اسرائيل وحزب الله المدمرة التي لا تنتهي إلى الاغتيالات الكثيرة التي طالت شخصيات مهمة وأفرادا وأكبرها اغتيال رفيق الحريري. أضف إلى ذلك التدخلات الخارجية في الشأن اللبناني دون وجه حق من دول كثيرة تعبث في لبنان، وحسابات كثيرة تصفى فيه، مع تأزم سياسي في إدارة شؤون لبنان، ومع ظهور وباء كوفيد 19، والذي زاد النار اشتعالا في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة والتجاذبات بخصوصها بين الحكومة وحاكم مصرف لبنان، وكل يلقي باللوم على الآخر دون حلول لها، وخروج الشعب إلى الشوارع للتعبير عن ضيقه ومعاناته من هذه الأزمة الاقتصادية والسياسية التي لم تغيب عن مشهد الأحداث. وكما قال عبد الحليم حافظ وغنى "موعود بالعذاب يا قلبي"، حدث هذا الانفجار الضخم والخطير في مرفأ بيروت، لوجود مواد خطرة مخزنة في أحد العنابر فيه منذ بضع سنين، ما كان يجب أن تكون فيه، وكان يجب التخلص منها وإبعادها عن الأماكن الحيوية. ولكن برغم ذلك لماذا ظلت مكانها إلى هذا الوقت؟ هنا السؤال الذي يحتاج إلى جواب مقنع!. ولولا لطف الله الذي أوحى للبحر الذي امتص نسبة كبيرة من قوة الانفجار لاختفت بيروت برمتها وكانت الخسائر رهيبة تفوق الخسائر بكثير التي أحدثها هذا الانفجار، والتي تقدر بالمليارات، ناهيك عن الخسائر البشرية التي لا تعوض، فيا وجع لبنان الكبير الذي لا ينتهي! فإلى متى سوف يظل لبنان هكذا موجوعا؟ حتى العون العربي للبنان ونجدته كان هزيلا. لكن تبقى قطر رعاها الله متفردة في المواقف، فبعد الحدث مباشرة صدرت التعليمات السامية بمد لبنان بجسر جوي بمختلف المساعدات التي يحتاجها لمثل هذا الموقف، مع فرق بحث وإنقاذ مجهزة للتعامل مع مثل هذا الحدث العصيب، كذلك فعلت تركيا الشقيقة ومدت لبنان بما يحتاج، ونتمنى أن تكون هذه الحادثة آخر الأحزان، ويقطع الله كل يد تعبث فيه ويعم الأمن والأمان ربوعه، ويعود كما كان بلد الجمال كما عهدناه والحب والتسامح والسلام. [email protected]