11 نوفمبر 2025

تسجيل

علمانيةُ دولِ الحصارِ: لا إسلامَ ولا عروبة

10 أغسطس 2017

بدايةً، لابد من تهنئةِ دولِ الحصارِ التي حققتْ ما عجزتْ عنه الجيوشُ العربيةُ منذ سنةِ 1948م، حيثُ اقتدى بها شقيقُها الروحيُّ؛ الكيانُ الصهيونيُّ، فأعلنَ تقديرَهُ لـمساندتِـها له في حروبِهِ وجرائمِهِ ضد عدوِّه وعدوِّها الـمشتركِ؛ أي الشعبُ الفلسطينيُّ، وقررَ مَنْـعَ قناةِ الجزيرةِ منَ البثِّ من الأراضي المحتلةِ. لذلك لا نستغربُ تصريحاتِ سفيرِ الإماراتِ في واشنطن؛ يوسف العتيبة، لقناةٍ تلفزيونيةٍ أمريكيةٍ، ، والتي قالَ فيها إنَّ الإماراتِ والسعوديةَ ومصرَ والأردنَّ تسعى لإقامةِ نُظُمِ حُكمٍ علمانيةٍ فيها، وتقفُ قطرُ ضد تحقيقِ هذا الهدفِ. ولأنَّنا نرى الخنجرَ الظبيانيَّ ينغرسُ في خاصرةِ السعوديةِ مُسْـتَـنْزِفاً بقايا رصيدِها في قلوبِ العربِ والـمسلمينَ، وهي صامتةٌ كأنَّها تستمتعُ بنَزْفِـها، وكأنَّ إعلامَها الهابطَ لا يرى الواقعَ بل يزدادُ انحطاطاً في النَّيْـلِ من بلادِنا وشخصياتِها الاعتباريةِ الساميةِ وشعبِها، فلابد لنا من الحديثِ بصراحةٍ عن تلك التصريحاتِ من جوانبَ مختلفةٍ وفي نقاطٍ، كالتالي: 1) جاءتِ التصريحاتُ لتحقيقِ هدفينِ قريبينِ: الأولُ؛ إثارةُ زوبعةٍ إعلاميةٍ تُغطي على الانتصارِ السياسيِّ الأخلاقيِّ القطريِّ، والخسائرِ السياسيةِ والأخلاقيةِ لدولِ الحصارِ، والانكسارِ العسكريِّ لها في اليمنِ، وتَقَـدُّمِ الإماراتِ في مشروعِها لتقسيمِـهِ. والثاني: توسيعُ الشَّرخِ بين الـمملكةِ ومحيطِيها العربيِّ الإسلاميِّ، بحيثُ تجدُ نفسَها مُرغَمَةً على التورُّطِ أكثرَ في مؤامراتِ أبو ظبي. 2) يتحدثُ العتيبة وكأنَّ العالمَ لا يرى ما تقومُ به بلادُ الحلفِ من جرائمَ ضد الحرياتِ، وما تفعلُـهُ للقضاءِ على أيَّـةِ بذورٍ للديمقراطيةِ فيها وفي دولٍ تُعاني من تدخلاتِـها الهمجيةِ كاليمنِ وليبيا. ويعتقدُ أنَّ الـمسؤولينَ والإعلاميينَ الأمريكيين والأوروبيين كالـمسؤولين والإعلاميين في مصر السيسي الذين لديهم استعدادٌ لبَـيْعِ وطنِهِم مقابلَ الـمالِ الحرامِ. وهو مخطئٌ في اعتقادِهِ، فدولُ الحلفِ لها سِجِلاتٌ سوداءُ تمنعُ حتى الأطفالَ من تصديقِ حديثِـهِ. فالعلمانيةُ، في جانبِها السياسيِّ، تقومُ على الحريةِ الـمُطلقةِ في التفكيرِ والتعبيرِ والتنظيمِ السياسيِّ، في حين تُجَرِّمُ دولُ الحصارِ مجردَ التعاطفِ مع قطر، وتعتبرُ أصحابَ الرأي الـمخالفِ مجرمينَ . 3) لنكنْ واضحينَ فنقولُ إننا لا نُبالي بحديثِـهِ عن علمانيةٍ مُستقبليةٍ في الإماراتِ والأردن ومصرَ، لكنه يمسُّ العَصَبَ الحَسَّاسَ في قلوبِ العربِ والـمسلمين حين يجمعُ السعوديةَ معها. فالـمملكةُ ليست دولةً وظيفيةً هامشيةً كمصرَ في عهدِ السيسي، ولا طَرَفِـيَّـةً بلا مواقفَ سياسيةٍ مستقلةٍ كالأردنِّ، ولا ثريةً تفتقرُ للحِسِّ الأخلاقيِّ الإسلاميِّ العروبيِّ كالإماراتِ، وإنما هي دولةٌ عظمى معنوياً لأنها ديارُ الحرمينِ، ومنبعُ عقيدةِ مليارٍ وخمسمائةِ مليون إنسانٍ يرونَ فيها وطنَهُم الروحيَّ، ويعتبرونَ حبَّها جزءاً من إيمانِهم. وهذا أمرٌ خطيرٌ لا ينبغي للمملكةِ السكوتُ عنه كما تفعلُ بصمتِها الـمُريبِ، لأنهُ يُفقدُها قوتَها الحقيقيةَ الـمتمثلةِ في مكانتِها الدينيةِ . 4) العتيبةُ صادقٌ في جانبٍ واحدٍ هو أنَّ تلك الدولَ تسعى لإقامةِ نُظمٍ تكونُ علمانيتُها مُوَجَّـهَـةً لإرضاءِ الصهاينةِ والقوى السياسيةِ الغربيةِ اليَمِـنِـيَّـةِ الـمُتَصهينةِ، إنها تريدُ تحقيقَ الـمعادلةِ الـمستحيلةِ في علمانيةٍ تُقصي الإسلامَ، وتنسلخُ عن الأمةِ وقضاياها، ولا يوجد فيها حرياتٌ وحقوقٌ للمواطنينَ. 5) أرادَ العتيبة، بغباءٍ سياسيٍّ وروحٍ تآمريةٍ، الإساءةَ لقطرَ بتصويرِها كقلعةٍ للتَّشدُّدِ ومعاداةِ الغربِ، لكنه فشلَ فشلاً ذريعاً، لأنَّ الغربَ ليس الإماراتِ أو مصرَ اللتينِ تُدارانِ بالاستبدادِ والقَهْرِ، وإنما هى دولٌ فيها مؤسساتٌ حقيقيةٌ تعلمُ جيداً بالنهضةِ الحضاريةِ والتشريعيةِ والديمقراطيةِ والـمؤسساتيةِ التي تشهدُها بلادُنا. وكذلك، انعكستْ تصريحاتُهُ إيجاباً حين زادتْ صلابةَ الالتفافِ الشعبيِّ العربيِّ والإسلاميِّ حول بلادِنا في مواجهتِها لجريمةِ الحصارِ. كلمةٌ أخيرةٌ كم يُسعدُنا، نحنُ القطريين، وجودُ العتيبة وقرقاش وضاحي خلفان ووسيم يوسف شحادة، لأنَّهم ينقلون الصورةَ الحقيقيةَ لحجمِ الـمؤامرةِ التي تقودُها أبو ظبي ضد الإسلامِ والعروبةِ.