06 نوفمبر 2025
تسجيللقد خبرت أمريكا حدود القوة في اجتياحها العراق، وبعدها فقدت القدرة على الانتشار والتمدد، وفقدت القدرة على التأثير على الأحداث العالمية، وفي محاولتها للتمدد على حساب العراق وعت ووعي العالم حدود القوة ومنتهاها، ولذلك لم يعد أحد يحسب لها حساب، وقد تكبدت خسائر مالية وإنسانية جعلتها غير قادرة على أخذ زمام المبادرة على المسرح العالمي، وتجرأت عليها الدول حيث فقدت حتى القوة الناعمة التي مكنتها من ممارسة نفوذها على مدى عقود تحت فرضية القدرة على إدارة الشأن العام العالمي، والقدرة العسكرية على وضع رؤيتها موضع التنفيذ، ولكن كل هذا انتهى في العراق المكلوم والممزق، وحرب غزة الغاشمة تؤدي نفس الدور، سيخرج الكيان الصهيوني بهزيمة منكرة، وخسائر مفجعة له ولشعبه، وستتحمل الميزانية العامة على المدى الطويل ليس تكاليف الحرب والذخائر والأرواح ولكن وبعد تصريح الكيان أنه خسر حوالي أربعمائة وأربعة وستين بين قتيل وجريح، فإنه ملزم بتزويد هؤلاء من خلال صندوق المعاشات بكل ما يحتاجون، والأكثر كلفة هنا هم من أصيبوا في الحرب، حيث سيحتاج هؤلاء العناية الفائقة من النظام الصحي وعلى فترات طويلة، ستثقل كاهل الميزانية العامة، وسيحمل المصابون يأس ومرارة الإصابات، مما سيخلق بؤرة توتر دائمة ستتغلل في صلب الكيان، ومناوئه لأي حرب قادمة، كما يعارض الأمريكان أي حرب، بل أصبح الشعب الأمريكي من الرئيس إلى المواطن الأمريكي في ذهنية لا تقبل الحرب، وما حصل في غزة مشابه لما حصل في العراق، وما سوف تفصح عنه الأيام في الأسابيع والأشهر القادمة، سيكون مؤشرا لما سيؤول له الكيان في المستقبل القريب والبعيد، وقد تحمل لنا الأيام القادمة بداية نهاية هذا الكيان المسخ وصنيعة ماضي الاستعمار، لقد ولى الاستعمار وولت معه آثاره حتى انقضت، مع انقشاع النفوذ الغربي بنهاية حرب العراق، ولم يبق من آثاره إلى القاعدة المتقدمة له، وهي اليوم تشارف على انقضاء دورها والتي خدم الاستعمار من العدوان الثلاثي إلى الآن ، لم يعد لهذا الكيان دور يخدم فيه الغرب، وفي أول محاولة لتقديم خدماته لبعض الدول والأنظمة العربية، فشل ففي محاولته إحلال خدماته بدل الغرب لبعض الأنظمة العربية، هي محاوله للبقاء وتوليد دور جديد لهذا الكيان من أجل استمرار البقاء، ولكنه فشل في هذا الدور وأصبح غير ثقة بالنسبة للأنظمة العربية، وقد خسر دوره لخدمة الغرب، وبهذا فقد خسر أسباب وجوده، بالإضافة إلى خروجه مهزوما ويحمل تكاليف لن يكون قادرا على تحملها، خاصة الطويلة منها، وكما هزمت أمريكا عسكريا وأخلاقيا ومبدئيا، فإن الكيان اليوم يخرج ليس بهزائمه العسكرية والمالية ولكن الأخلاقية والمبدئية، هو خسر أسباب وجوده بشكل كامل، فهو من ادعى إقامة كيانه لأسباب أخلاقية وتاريخية، حرب غزة أفقدته كل هذا، لم يعد لهذا الكيان من أسباب للبقاء، فهو لا يخدم سكانه ولا يستطيع أن يقنع العالم بعدالة قضيته، بل أصبح مسخا عالميا للخارج والداخل ولم يعد أحد يقوى على إبقاء علاقة به لا الداني والقاصي، لذلك لابد للنظر إلى حرب غزة على أنها نهاية الطريق لهذا الكيان، يستطيع العرب إعادة إعمار غزة وفلسطين، وانتصار المقاومة يجب أن يفضي إلى مشاريع إعمار تعوض على من قاسى من أهلنا في غزة بعض المرارة، إذا استطاعت المقاومة وضع برنامج لإعادة الإعمار، وبناء مشاريع تنمية تحاكي بطولاتها في الميدان فستكون قد استطاعت أن تستثمر الانتصار، في خلق نموذج جديد لكيفية بناء الدولة، من المقاومة إلى التنمية الاقتصادية، فاليوم وبعد هذا الانتصار الكبير، والكل ينظر إلى قيادات المقاومة وهل ستستطيع نقل المعركة من ساحة القتال إلى ساحة الاقتصاد، وهل ستنجح في خلق نظام اقتصادي وسياسي قادر على النمو ويسعد الشعب الفلسطيني ، ويكون مثالا لبقية العالم العربي، تنمية تعتمد على الإنسان العربي وبعيدة عن التبعية للخارج، وتملك روح المبادرة والمصداقية والوطنية؟.