11 نوفمبر 2025

تسجيل

عباس من القاهرة ينقض اتفاق المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية

10 يونيو 2014

(1)لم تكتمل فرحة المواطن الفلسطيني ـــ في الداخل والخارج ــ بالمصالحة التي أعلن عنها مطلع الشهر الحالي بين حركتي حماس وفتح، وتشكيل حكومة توافق يرأسها السيد رامي حمد الله، حتى ظهر محمود عباس على شاشة إحدى محطات التلفزة من القاهرة يكيل الاتهامات لحركة حماس بالقول "إن حماس عندها نوايا سيئة من وراء المصالحة، وأن حماس لجأت إلى المصالحة من أجل أن أتحمل مسؤولياتها وهذا غير مقبول". لقد سبق عباس إلى التهجم على حركة حماس قبل أن يجف حبر المصالحة اللواء عدنان الضميري المتحدث باسم الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية بالقول في مؤتمر صحفي "إن عصابات البلطجية في حماس أغلقوا البنوك العاملة في غزة ومنعوا الموظفين من استلام مرتباتهم الشهرية.. دون أن يذكر منهم الموظفين وما هي الأسباب الحقيقية التي أدت إلى التظاهر وإغلاق البنوك، ونسأل ما هو الفرق بين ما قاله اللواء عدنان ومحمود عباس وما يقول به مدير الموساد الإسرائيلي ونتنياهو في حق الفلسطينيين؟(2)تعود أسباب المظاهرات التي حدثت أمام البنوك في غزة في مطلع هذا الأسبوع إلى أن الحكومة في رام الله بعد المصالحة أمرت بتسليم مرتبات موظفي السلطة في غزة الذين كانوا يعملون في القطاع قبل أحداث عام 2007 التي أدت إلى سيطرة قوات الأمن في ظل حكومة إسماعيل هنية على الموقف في غزة التي كانت مسرحا لعصابات مسلحة متخفية تحت قناع السلطة بقيادة محمد دحلان. حكومة المصالحة برئاسة السيد الحمد الله لم تأخذ في اعتبارها الموظفين والعاملين والساهرين على الأمن والاستقرار في القطاع وتدفع أجورهم ومرتباتهم أسوة بغيرهم الذين لم يكونوا يقومون بأي عمل منذ يونيو 2007. في ذلك الزمان أمر محمود عباس كل الموظفين العاملين في قطاع غزة بعدم التعاون أو العمل مع الحكومة التي فازت في الانتخابات وتعهد بدفع مرتباتهم ومخصصاتهم كاملة وهؤلاء الموظفين المعنيين.معنى ذلك "عصيان مدني" الأمر الذي أدى بحكومة إسماعيل هنية إلى ملء الفراغ الإداري بكوادر أخرى وسار العمل منذ عام 2007 وحتى اليوم وموظفو حركة فتح العاملين في غزة يتسلمون مرتبات دون أن يؤدوا أي عمل وظيفي (المعلمون، والقضاة، والأطباء والمهندسون... إلخ).محمود عباس قادر على قلب الحقائق إذ يقول: "إن حكومة رام الله تدفع 58 في المئة من ميزانيتها العامة لقطاع غزة منها رواتب 70 ألف موظف في غزة ".والحق أن هؤلاء الـــ 70 ألفا كلهم كوادر ينسبون إلى السلطة، أي إلى حركة فتح وهو معني بدفع كل مرتباتهم دون أن يقوموا بأي عمل بناء على توجيهات السيد عباس، أما الذين تصدوا لجحافل الجيش الإسرائيلي ودافعوا عن غزة منذ عام 2007 وحتى اليوم فإن عباس يريد تجاهلهم بل واحتقارهم، وهذا ليس من شيم الزعماء..(3) يقول السيد محمود عباس إنه "لا يريد أحد من العرب أن يتدخل في شؤون السلطة".. وهذا حق لا خلاف عليه، لكن أليست إسرائيل لها حق التدخل في كل صغيرة وكبيرة في شأن السلطة.. ألم ترفض المصالحة وتفرض عليك الطاعة حتى في حق الأمن الإسرائيلي في التجول في مدن وقرى الضفة الغربية وتعتقل من تشاء وتقتل من تشاء.. أليس هذا تدخلا أم يعتبر حقا من حقوق إسرائيل أن تفعل ما تشاء دون موافقتكم؟ يقول عباس في شأن المعابر: "إذا لم يكن هناك دور للسلطة الفلسطينية على المعابر فلن يكون هناك مصالحة".. وهنا نقول إذا حسنت النوايا عند أبومازن فإن المعابر ستكون تحت حماية قوات أمن غزة التي هي بالضرورة تحت راية سلطة حكومة التوافق الوطني دون تمييز ولا دور لإسرائيل في هذا الشأن واتفاقية 2005 قد انتهى مفعولها.يؤسفني القول إن محمود عباس واقع تحت تأثير الحكومة الإسرائيلية التي رفضت المصالحة واتخذت إجراءات ضد قيادات السلطة، منها على سبيل المثال سحب بطاقة (الشخصيات المهمة) من أركان السلطة وغير ذلك، وعلى ذلك بدأ في خلق عقبات لتنفيذ بنود اتفاق غزة منها قضية المعابر، ورواتب موظفي غزة الذين كانوا تحت إدارة حماس قبل اتفاق المصالحة وتوزيع الاتهامات بأن حركة حماس أفسدت المصالحة.محمود عباس يتصرف في الشأن الفلسطيني وكأنه رئيس غرفة تجارية وليس كرئيس دولة.. يقول عباس في شأن استجابة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لاستغاثة أهل غزة بدفع مرتباتهم بأنه لا يحق لقطر أن تدفع أي معونات إلا لسلطته ونحن نوافق على ذلك شرط أن يكون هناك عدم تمييز بين موظفي السلطة كما هو حاصل في قطاع غزة اليوم ولا يعتبر موظفو حركة فتح هم "الأولى بالرعاية "عن موظفي الفصائل الأخرى بما في ذلك حركة حماس.(4) يجب أن يعلم السيد عباس أن سلطته هي الوريث الشرعي للحكومة المقالة في غزة بعد المصالحة وحكومة التوافق الوطني تتحمل ديونها وتحافظ على أمنها والدفاع عنها.. إن مهمة حكومة المصالحة في أولى خطواتها توحيد المؤسسات لا تكريس القطيعة والانقسام بين الناس.. إن حكومة التوافق الوطني برئاسة الحمد الله هي حكومة بديلة عن حكومتي غزة ورام الله السابقتين وليست استمرارا لحكومة رام الله قبل المصالحة. كنا نتوقع بعد إعلان المصالحة وتشكيل حكومة الوفاق الوطني أن نرى السيد عباس ينتقل إلى غزة ويخاطب الجماهير بأن صفحة جديدة قد فتحت ولا عودة للانقسام وأن يؤاخي بين القيادتين وجماهير الشعب الفلسطيني، لكن السيد عباس متشدد تجاه حركة حماس وجمهورها ومتهاون مع القيادات الإسرائيلية، ويتهم عباس حركة حماس بأنها لجأت للمصالحة من أجل أن يتحمل مسؤولياتها ولن يقبل ذلك.. ممكن اتهام عباس بأنه لجأ للمصالحة من أجل سد المنافذ على محمد دحلان كي لا يصل إلى قيادة السلطة الفلسطينية بدلا من عباس.آخر القول: محمود عباس مراوغ مع أهل فلسطين متوافق مع مطالب إسرائيل يتعامل أحيانا مع الشأن الفلسطيني كرئيس لغرفة التجارة لا كرئيس دولة فلسطين وهنا الخطورة.. فهل أنتم مدركون؟!