07 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ما من شخص يستخدم الكمبيوتر، إلا واستفاد من برمجيات شركة مايكروسوفت، التي أسسها بيل غيتس، بعد أن ترك الدراسة في جامعة هارفارد العريقة، ثم جاء ستيف جوبس مسلحا بالشهادة الثانوية، وقاد شركة أبل إلى نجاحات مذهلة، بمخترعات أشهرها الآيبود وكمبيوترات ماك والآيباد والآيفون.والشاهد هو أن الشهادة الجامعية، ليست بالضرورة جواز المرور والنجاح في الحياة العملية، بدليل أن هناك كثيرين من ذوي السجلات التي ستبقى في ذاكرة البشرية على مر القرون، لم يدخلوا الجامعات.ومن منا لا يذكر ونستون تشرشل أشهر رؤساء الحكومات في بريطانيا، الذي تنقَّل بين أربع مدارس ثانوية، ثم هجرها والتحق بالمدرسة العسكرية، وشارك في حروب كثيرة كمقاتل وكمراسل حربي، وتشرشل هو رئيس الوزراء الوحيد في تاريخ العالم، الذي يفوز بجائزة نوبل في الأدب، وكان الرجل يتأتئ (تمتام) في الكلام وتغلب على تلك الإعاقة بالمران وقوة الإرادة وهو فوق الثلاثين. وليس معنى كلامي هذا أن كل من يرفض الدراسة، سينجح بالضرورة في مجال من مجالات الحياة، بل معناه أن عدم حيازة الشهادات المدرسية أو الجامعية، لا يقف عائقا أمام نجاح ذوي العزم والعزيمة، وذوي الاستعداد الفطري للتفوق في ميادين معينة.إيرنست هيمنغواي أشهر روائيي القرن العشرين، والحائز على جائزة نوبل للأدب، دخل المدرسة الثانوية في مسقط رأسه بولاية إلينوي الأمريكية، وسرعان ما هجر المدرسة بعد أن اشتعلت الحرب العالمية الأولى، حيث عمل خلالها سائق سيارة إسعاف، متنقلا عبر الجبهات الأوربية، وكتب رائعته "وداعا للسلاح"، ودون "حتى شهادة إكمال الثانوية" كتب ست روايات تعتبر من كلاسيكيات الأدب الأمريكي.والشاهد هو أن الشهادات لا تصنع الإنسان، وأن العصامية والاجتهاد والمثابرة و"التلطش" في مدرسة الحياة تجعل الكثيرين يتفوقون على حاملي الألقاب العلمية الكبيرة، فأشهر رئيسين في الولايات المتحدة وهما جورج واشنطن وأبراهام لنكلن، لم يكونا حاصلين حتى على "دبلوم"، وبالمقابل كان جورج دبليو بوش يحمل شهادة من أشهر جامعتين في العالم (هارفارد وييل)، وأثبت أن الإنسان المتعلم قد يرتد إلى الأمية، فقد كانت قراراته حمقاء، وأهدر تريليونات الدولارات في حروب خاسرة، لأنه كان قاصر الفكر وقصير النظر، وعن أمثاله نقول في السودان إن "القلم لا يزيل بلم"، فقد جعل أمريكا أكثر دولة منبوذة في العالم، ويدفع الأمريكان اليوم فاتورة الخسائر التي كبدها بوش أبو شهادات، لخزينة بلادهم ركودا اقتصاديا وبطالة وجريمة، ثم أوصل حزبه ترامب إلى الحكم ليترمبق (على وزن يطربق) الدنيا على رؤوسنا.وهل كان الطبري والفارابي والخوارزمي وابن سينا واليعقوبي يحملون الشهادة الإعدادية؟ هل كان فارس معركة القادسية سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، خريج كلية القادة والأركان في يثرب؟ هل كان ابن الخطاب رضوان الله عليه يحمل ماجستير العلوم الإدارية من جامعة قريش؟ إلا لدى بعض جهات العمل التي تشترط لكل وظيفة "شهادة" ما، وكثيرون منا التقوا بأشخاص يحملون مؤهلات عالية بينما قدراتهم المهنية أكثر من متواضعة، فالتعويل و"الرك" ليس على الشهادات، بل في التعلم المستمر، فأي شهادة أكاديمية ليست أكثر من مجرد مفتاح لبوابة "المعرفة".