13 نوفمبر 2025

تسجيل

الإتيكيت

10 أبريل 2017

عُرفَ الإتيكيت Etiqette في الصين وأثنيا ومصر وبابل وآشور في القدم! كما عزّز الإسلامُ مبادئ الإتيكيت لتكريس آداب التعامل بين البشر في قالب من التراحم والترابط والتكافل والتواضع والمساواة! وبدأ بأدب المائدة والضيافة وعلاقة الإنسان بأهله وأصدقائه وسائر أفراد المجتمع.وتطوّر مفهوم الإتيكيت مع الحضارة الأوروبية اعتبارًا من عصر النهضة، ولقد قام الكاتب الإيطالي (بلوا أسركان سيتجليوني – 1478-1529) بتدوين بعض تلك الآداب عام 1528 في كتاب معروف هو (Cortegiano / The Courtier)، وكان من أهم المراجع في آداب اللياقة عند الإيطاليين! ثم جاء الفرنسيون في القرن السابع عشر بنموذج متكامل لآداب الممارسة في العلاقات بين البشر خصوصًا في الحقل الدبلوماسي. وأصَّلت فرنسا فن اللياقة Etiqette والمجاملة Courtoisie في عهد لويس الرابع. (قواعد اللياقة والمجاملة في العمل الدبلوماسي، د. أحمد محمود جمعة، 1427هجرية).ولقد نظّم الإتيكيت حياةَ الناس، ورتّب أفكارَهم وممارساتِهم، بحيث أصبح نبراسًا للإنسان الراقي، السامي بأفكاره وتصرفاته. ولكن ما نلاحظه لدى البعض من تجاهلٍ لأصول الإتيكيت يُخرّب تلك العلاقات، وينشر الضغائن، ويؤكد الانشقاق بين أفراد المجتمع الواحد، بل ويضعهم تحت طائلة الانتقاد والسخرية.فإنسان تتصل به على (النقال) ولا يرد عليك، ولديه رقمك! ثم تتصل بمكتبه – وهو يعمل في وظيفة لها علاقة مباشرة مع الجمهور وتتعلق بالرأي العام – ويرد عليك سكرتيره بأنه في اجتماع، ويأخذ السكرتير رقم الهاتف على وعد أن يتصل بك بعد نصف ساعة، ولا يتصل أبدًا!؟ ثم تعلم بأن الشخص المقصود أصلًا لا يداوم في مكتبه!؟ وتلك طامة كبرى!وإنسانة تحضر ندوة تتحدثُ فيها متخصصةٌ في علم من العلوم، وتقوم تلك الإنسانة برفع صوتها في حديث آخر (حول مشروعها التجاري في بلدها) متجاهلة هذا الجمع الذي أزعجهُ كثيرًا صوت تلك الإنسانة، المدعوَة لمناسبة في إحدى بلدان الخليج، حيث لا يجوز أن تُخرّب تلك الندوة برفع صوتها الذي أزعج الحاضرين ونظروا لها شزرًا. وقضية رفع الصوت تتكرر كثيرًا في الأماكن المغلقة مثل الطائرات أو صالات المطار.وإنسان يدخن وهو يسوق السيارة، ويُخرج يده من السيارة ليُلقي رماد السيجارة في الهواء، ليتطاير على السيارات الأخرى! والأنكى من ذلك أنه يرمي عَقبَ السيارة المشتعل في الشارع، والشارع مليءٌ بالغازات!؟ دونما أي اعتبار لقضية السلامة أو النظافة أو حقوق الآخرين!؟ وضرورة (إماطة الأذى عن الطريق)، لا زيادة ذاك الأذى. والغريب أن ذاك المخلوق يركب سيارة "فارهة" ويُعلي من صوت الأغاني الشبابية، وأحيانًا تجد بيده اليمنى الهاتف النقال!؟ وإنسان لا يعرفُ فنَّ (الكياسة)، وهو جزء هام من الإتيكيت، ولا يدركُ متى ينصت ومتى يتحدث!؟ بل ويدخلُ (عَرضًا) قاطعًا حديثًا لشخص آخر، ما يُشتت أفكارَ المتحدث، وبكلمات ليست ذات دلالة أو أنها لا ترتبط بالموضوع، مثار النقاش.وإنسان لا يُدرك نعمةَ الصدق في التفكير والسلوك! ونجده يُعطي وعودًا دون أن يفي بها، ويَعدكَ بأن يتصل بك غدًا ولا يتصل! ويحتقر نفسه عندما يلتقي بك في مكان عام، و "ينصفق" وجهه، ويتحاشاك ما أمكنه.وإنسان يأتي للصلاة في المسجد ويوقف سيارته خلف سيارة أحد المصلين، ليأتي هذا الأخير ويجد سيارته محشورة، ولديه موعد هام، وعليه أن ينتظر حتى ينتهي "المُصلي" المؤمن من صلاته. ويأتي الأخ الأول ما شيًا الهوينا، ويرى علائمَ الضجر على صاحب السيارة المحشورة، ليقول: "آسفين.. أخرناك، تدري الصلاة!" بـالله عليكم، هل الصلاة تأمرنا بمضايقة المصلين الآخرين؟ وتجاوز حقوقهم!؟ وهل ذاك من الدين الذي يدعو إلى عدم إيذاء الآخرين ومضايقتهم؟وإنسان يصرخ على عائلته في المطار دونما أي احترام للزوجة والبنات والأولاد، ولكأنه في عزبته!؟ لتجدَ الزوجة والبنات والأولاد قد تحجّرت الدموع في مآقيهم، وهو سادر في رفع صوته دونما اهتمام بنظرات الآخرين، ولكأنه يسوق "قطيعًا" من....!بودي لو حاسبَ أيٌّ منا – وأنا الأول – على تصرفاته خلال اليوم كله، فحتمًا سوف تنحسر مساحاتُ التعدي على حقوق الآخرين، بل وتسمو الذات باحترامهم.