15 نوفمبر 2025
تسجيلهبوط أسعار النفط منذ قرابة 22 شهرا بنسبة 70 بالمائة مع عدم حصول تصحيح للأسعار يعود بالدرجة الأولى لظاهرة العرض من النفط الخام وليس بالضرورة لتراجع الطلب. أمر لافت عدم حصول ارتفاع فعلي للأسعار بين الحين والآخر منذ قرابة السنتين رغم وقوع اضطرابات وتطورات سياسية وأمنية متلاحقة في الشرق الأوسط، وهي المنطقة التي تعد أحد أهم مصادر النفط الخام في العالم. باختصار، هناك وفرة من النفط الخام في العالم. مصادر الوفرة تشمل تعزيز مستوى الإنتاج النفطي في الولايات المتحدة فضلا عن التقدم المستمر في تقنية الحفر. ووفقا لتقرير متخصص حول إحصاءات الطاقة العالمية ومصدره شركة بريتيش بتروليوم، فقد ارتفع إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة من 7 ملايين برميل يوميا في عام 2005 إلى 11.5 مليون برميل يوميا في 2014. وعلى هذا الأساس، تمثل الولايات المتحدة 12.4 بالمائة من حصة الإنتاج النفطي في العالم ما يعني حلولها في المرتبة الثالثة مباشرة بعد السعودية وروسيا.ومن الواضح أن بعض المنتجين بينهم أعضاء في منظمة أوبك قللوا أو تغاضوا باختيار عن حالة تعزيز إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة بما في ذلك النفط الصخري استنادا لعامل الكلفة أي عدم إمكانية الإنتاج بشكل طبيعي في حال تراجع أسعار النفط. لكن تبين خطأ هذا التصور لأنه ربما لم يتم الأخذ بعين الاعتبار تأثير متغير التقنية بشكل واضح.يشار إلى أن منظمة أوبك والتي تضم فنزويلا والسعودية وإيران والعراق والإمارات العربية المتحدة وقطر تسيطر على قرابة 72 بالمائة من إجمالي الاحتياطيات العالمية. مما لا شك فيه، يشكل هذا المستوى من الاحتياطي مصدر قوة للمنظمة لعقود قادمة. تعتبر فنزويلا الرائدة في مجال احتياطي النفط الخام بينما تأتي السعودية في المرتبة الثانية.من جهة أخرى، تسيطر دول أوبك على 41 بالمائة من أصل 87 مليون برميل منتج عالميا، وبالتالي نسبة مهمة لكن ليست مهيمنة. وحدها، دول مجلس التعاون بقيادة السعودية تستحوذ على نحو 24 بالمائة أو ربع الإنتاج العالمي وهي نسبة مؤثرة. بالإضافة إلى ذلك، تسيطر دول مجلس التعاون الخليجي على 30 بالمائة من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم. للأسف، على الرغم من الحديث حول التنويع الاقتصادي، لا يزال قطاع النفط المصدر الرئيسي لدخل الخزانة العامة وبالتالي الإنفاق الحكومي فضلا عن الصادرات. لكن يسجل تميزا لبعض الاقتصادات الخليجية وفي مقدمتها دبي بتوظيف العوائد النفطية للابتعاد عن القطاع النفطي. أمر جميل الحديث عن توجه دبي بالابتعاد عن الاقتصاد النفطي مع مرور الزمن. الأدلة على تأثر اقتصادات المنظومة الخليجية بشكل سلبي في حال تراجع أسعار النفط جليا. ومثال ذلك تسجيل عجز في الموازنة العامة قدره 98 مليار دولار في سنة 2015 مقابل فائض فاق على 100 مليار دولار في 2012 أي تحول كبير في غضون فترة قصيرة.لا غرابة، تشعر دول مجلس التعاون الخليجي بالحاجة للتغلب على تحدي انخفاض عائدات النفط عن طريق اتخاذ خيارات صعبة تشمل الحد من الدعم المقدم للسلع ورفع أسعار المشتقات النفطية وربما فرض ضريبة القيمة المضافة في العام 2018. مهما يكن من أمر، لا يمكن التغاضي عن مسألة النمو الاقتصادي العالمي في بعض كبريات الاقتصادات والتي تتميز باستيراد النفط مثل الصين والهند والبرازيل. لكن تبين بالتجربة بأن الأمر يتعلق هذه المرة بالعرض أكثر منه بالطلب ما يشكل تحولا بحاجة للتأمل في التداعيات المحتملة.