03 نوفمبر 2025
تسجيلالمدرسون القطريون المحالون أمضوا سنين طويلة ما بين 10ـ 23 سنة، يبذلون ويضحون بأوقاتهم وجهودهم في تعليم الأجيال، فتخرج على أيديهم مسؤولون كبار وقيادات وطنية في مجالات شتى، ومع بدء التحول في نظام التعليم عرض عليهم العمل في المدارس المستقلة فأبدوا عدم رغبتهم في ذلك؛ خاصة أن أكثرهم تركز في المرحلة الابتدائية التي سحبت منعهم، ومنحت للمعلمات فيما عرف بالمدارس النموذجية، وقد نص قرار إنشاء المجلس الأعلى للتعليم، على إحالة من لم ينقل للمجلس إلى أمانة الوزراء لتسوية أوضاعهم، فأحيلوا بذلك إلى (الأمانة العامة): (صيغة معدلة عن البند المركزي) فتم إقصاؤهم من محيطهم الوظيفي، وتعرضوا للتهميش والتجاهل ورفض مقترحاتهم حول الأوضاع التعليمية، ثم ركنوا على الرف، وحكم عليهم بالجمود والتعطيل ونكران الجميل على مدى أربع سنوات، تعرضوا خلالها لتأخير الترقيات والحرمان من بعض المزايا الوظيفية، وعرقلة انتقالهم إلى وظائف أخرى، وصولا إلى إيقاف العلاوة التشجيعية، رغم أنهم لم يختاروا هذا الوضع ولم يتنصلوا من أداء الواجب، والمؤسف أن هذه الممارسات تحدث في ميدان التعليم، أهم وأخطر ركائز البناء والتنمية بالدولة. وبعد سنين التجاهل والنسيان واعتبارهم (عمالة فائضة) ـ وهذا وصف يسيء إلى كوادرنا الوطنية المنتجة ـ عادوا لاستدعائهم مجددا للتدريس، واستخدموا معهم أسلوب (اشربي ولا العصا) بثلاثة خيارات: التدريس للمرحلتين الإعدادية والثانوية، أو الاستقالة التقاعدية، أو قطع الراتب، وهذا التعامل (الغريب المريب) انطوى على مغالطات وتناقضات صريحة أهمها: - أن هؤلاء المعلمين لم يحيلوا أنفسهم عن العمل، بل تمت إحالتهم من جهة المجلس.- لم يسبق لهم التدريس لطلبة الإعدادي والثانوي. - لم يتلقوا تدريبا تأهيليا يواجهون به تحديات مستجدات التعليم في مرحلته الجديدة.- فقدان الدافعية والرغبة الذاتية لديهم في التدريس داخل المدارس المستقلة.- استنفاد طاقاتهم خلال سنوات التدريس الماضية.- كانوا مصنفين ضمن العمالة الفائضة. - سمح لهم بتقديم الاستقالة وقبولها، رغم إظهار الحاجة الماسة لجهودهم. فماذا ننتظر من موظف مقهور أو مهدد في رزقه وقوت عياله، وناقم على الوضع القائم، بعد سنين من الانقطاع (الجبري) عن العمل وما لقيه خلالها من تهميش وانتقاص، حتى أصابه الإحباط وفقد الرغبة في التدريس؟! وكيف له أن يتأقلم مع مستحدثات التعليم، التي لم يعد قادرا على استيعابها أو التعامل معها؟! ؛ فنحن نتحدث عن مدرسين بلغوا سن الخمسين أو كادوا، ومنهم من تجاوز ذلك؟! ومنهم من التحق بالتعليم دون رغبة، وآخرون ليسوا خريجي كلية التربية، والمعلم يتعامل مع عقول ونفوس وإذا فقد الدافعية والرغبة فلن ينتج أو ينجز، بل ستحدث نتائج عكسية سيئة. ومن واقع خبرة ميدانية، أرى أن يتم تشجيع طلبة الثانوية على الالتحاق بكليات التربية، وتعيين خريجي التربية القطريين كمدرسين ومنحهم امتيازات ومكافآت مجزية وإعادة المرحلة الابتدائية للمعلمين، وتهيئة بيئة مشجعة يسودها الأمن الوظيفي، لأن هؤلاء شباب، ولديهم القدرة والمهارات اللازمة للعطاء واستخدام الوسائل الحديثة، فهذا أفضل وأسلم من معالجة مشكلة بمشكلة أكبر والفاعل واحد في الحالتين!! واستقطاب المدرسين المحالين في وظائف إدارية بالمجلس، أو نقلهم إلى وزارة التنمية الإدارية، لتوزيعهم على وزارات ومؤسسات الدولة باعتبارها الجهة المسؤولة عن هذه الإجراءات، وإعادة صرف الرواتب الموقوفة بأثر رجعي، من باب الوفاء والتكريم لهم على جهودهم في تربية وتعليم الأبناء، وانصح بتطبيق النموذج الياباني في هذا المجال، مادمنا مغرمين بتقليد نماذج مستوردة. إن تقطير التدريس ليس معناه إرغام المدرسين المحالين على العودة للمدارس، دون النظر إلى العواقب المترتبة على ذلك، فالخاسر الأكبر في هذ القضية هم أبناؤنا الذين نعلق عليهم آمالنا وطموحاتنا الكبرى.مقارنةأتقدم بالشكر والتقدير إلى المسؤولين في وزارة التنمية الإدارية وفي مقدمتهم سعادة الوزير الدكتور عيسى بن سعد النعيمي، على ما لقيته منهم من تجاوب بناء، فيما طرحته عبر مقالي (رسالة تنموية وطنية إلى وزارة التنمية الإدارية)، ورغم حداثة إنشاء هذه الوزارة إلا أنها فاقت غيرها في سرعة التجاوب وتقدير دور وسائل الإعلام، فأين مجلس التعليم من هذا التواصل وكيف يعين مستشارا إعلاميا يستقبل بدايته بإعلان حجب التعاون مع وسائل الإعلام؟.