06 نوفمبر 2025

تسجيل

المسؤولية الاجتماعية البحثية

10 فبراير 2013

بالأمس القريب كنت في جامعة المملكة بمملكة البحرين للمشاركة بجلسة مناقشة علمية لطالبين من طلبة الماجستير، ممن أتيحت لي الفرصة للإشراف على بحثيهما، جنبا إلى جنب مع عدد من الأكاديميين المرموقين الذين يمثلون عددا من الجامعات العربية في المنطقة. وقد ترأس تلك الجلسة العلمية الأكاديمي المعروف البروفيسور سعد محمد عثمان مساعد رئيس جامعة الغرير بدبي. ووجدت أن في هذه الكوكبة من العلماء، حماسا منقطع النظير نحو تبني أبحاث ودراسات علمية وتطبيقية، بهدف المساهمة في التنمية التي تعيشها منطقتنا العربية والإسلامية. بل أكد هؤلاء النخبة أن منطقتنا لم تبذل ما يكفي من جهد واهتمام تجاه البحث العلمي. وأشاد الباحثون بتجربة دولة قطر، والتي قد تكون هي التجربة الوحيدة في المنطقة العربية، التي خصصت نسبة من دخلها القومي كافية لصالح دعم المجهود البحثي، حتى تم تصنيفها من المؤسسات الأكاديمية من الدول المتقدمة في مجال البحث العلمي. عشت في عالم الأبحاث مع هؤلاء النخبة، وعادت بي الذاكرة إلى سنوات عديدة، حينما اقترحت تنظيم أول مؤتمر علمي لحصر الاحتياجات البحثية لدولة قطر، وكان ذلك في عام 1997 ميلادي، وتبنى هذا المقترح سعادة الأستاذ الدكتور محمد عبدالرحيم كافود وزير التربية والتعليم آنذاك. وتم تنظيم المؤتمر، وكانت المفاجأة أن هناك العديد من المؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة في دولة قطر لها جهود بحثية مقدرة. ولكن تنتهي العلاقة بين الباحث أو الباحثين ومؤسساتهم مع إنجاز البحث، والاحتفال بإنجازه. وفي غالب الأحيان لا يستفاد منه. والأمر كذلك ينطبق على العديد من الرسائل والأطروحات العلمية التي تزخر بها مكتباتنا العلمية والأكاديمية. حتى أنني تقدمت باقتراح لهذه الصحيفة الغراء، أتمنى أن يجد له قبولا من قبل رئيس تحرير صحيفة الشرق القطرية، أو الصحف الأخرى، بتخصيص صفحة أسبوعية يتم عرض ملخص لهذه الرسائل والبحوث العلمية من خلالها، بهدف التعريف بهذه الجهود البحثية، وبنتائجها، وتوصياتها، علها تساهم في تنمية المجتمعات. وكما هو معلوم سلفا، بأن معظم المؤسسات الناجحة في العالم، خلفها جهاز بحثي وتطويري فاعل، ويعمل هذا الجهاز على توظيف البحوث والدراسات في عملياتها وخدماتها اليومية. وكما يقال الوصول إلى القمة سهل، ولكن المحافظة على التربع على عرش القمة يحتاج إلى جهد مضاعف، وأنا أقول المحافظة على القمة يحتاج جهدا علميا وبحثيا رصينا. في بداية عملي الصحفي، تزاملت مع رئيس تحرير صحيفة الشرق القطرية الحالي الأستاذ الفاضل جابر الحرمي، وكان ذلك في بداية التسعينيات. وكنا نتشاور في التحقيقات الصحفية التي سنقوم بتنفيذها، حيث كنت حينها صحفيا في صحيفة الشرق القطرية، وكان زميلي جابر في صحيفة الراية القطرية، واخترنا موضوعا مهما، قام جابر بتناوله آنذاك، وهو "عن الجهد البحثي الذي يقوم به الأكاديميون في جامعة قطر". وكان يشتكي العديد منهم خاصة القطريين منهم بعدم وجود دعم كاف لتبني بحوثهم، وكذلك عدم تفرغهم للبحث العلمي، وانشغالهم بالنصاب التدريسي. والحق يقال، إنه لم يكن آنذاك اهتمام كاف بالبحث العلمي ليس في قطر فحسب، بل في عموم العالم العربي. ولكن تغيرت الأحوال كثيرا، مع خروج مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع إلى الساحة العلمية والأكاديمية. فتم تأسيس صندوق دعم البحث العلمي، حتى فاز في العام الماضي 60 بحثا من بحوث أساتذة جامعة قطر بمنح بحثية من هذا الصندوق. إن توظيف البحث العلمي أصبح من ألأهمية بمكان في دعم النهضة الاقتصادية التي تعيشها منطقتنا العربية والإسلامية، وسبيل رئيس للحفاظ على هذه النهضة وتنميتها. وعليه، فإنني أدعو الباحثين والمهتمين، بوجوب تشكيل روابط علمية وبحثية، وتعاونية، تساهم بتحديد أولويات البحث العلمي التي تحتاجه كل دولة أو قطر، ومن ثم وضع خطة لتنفيذ هذه البحوث العلمية، حتى تكون المسؤولية الاجتماعية الأكاديمية والبحثية مسؤولية مشتركة بين الباحثين وصناع القرار.