08 نوفمبر 2025
تسجيلأفاق العرب (ومعهم الأوروبيون) مندهشين بعد الإعلان عن فوز ترامب بالرئاسة و لم يندهش لا (ناتنياهو) و لا (بوتين) و لا (كسين جين بنغ) و السبب البسيط هو أننا نحن العرب (مع قاطرتنا الفكرية الأوروبية) وحدنا الذين لا نحمل أنفسنا مشقة التحليل و التفكير معولين في الأغلب على الغريزة و الحدس و الكلام الدبلوماسي المعسول الذي يقال لنا ! هذه خطيئتنا ! نحن لا نستشرف الأحداث و لا نتوقع التحولات و لهذا السبب نضع أنفسنا و مصالحنا في مهب الرياح السياسية العالمية دون استباق ضروري للتاريخ حتى لا يسحقنا. نحن ندرك منذ الحرب العالمية الثانية أن الولايات المتحدة تملك 90% من أوراق العلاقات الدولية كما كان يقول لنا بورقيبة و لكننا لم نقرأ ما يسميه المفكر الفرنسي (ألن مينك) الهندسة الجينية للأمم. و أذكر أنني سمعت أحد الخبراء الإسرائيليين في السياسات الدولية يقول : "نحن نعرف الثوابت السياسية للولايات المتحدة مهما تغير الرؤساء و تعاقبت الأحزاب وهو ما يجهله العرب" و لعل بعض قرائي يقاطعني اليوم قائلا "ألم تدرك أن روسيا هي التي تحرك الأحداث في الشرق الأوسط و ليست واشنطن ! نعم هذا في الظاهر المعلن إنما الحقيقة أن موسكو لا يمكنها أن تأخذ قرارا واحدا يتنافى مع مصالح واشنطن و ذلك منذ الحلف القوي الذي انعقد بين كيري ولافروف (سايكس بيكو جديد بعد قرن بالضبط) و تعالوا معي نفهم خفايا الجينات الأمريكية. صدرت في السنوات الأخيرة كتب عديدة لم نقرأها و لم نترجمها للعربية كتبها مفكرون كبار و ساسة متمرسون الكتاب الأول أمريكي ملأ الدنيا وشغل الناس وهو صاحب نظرية صراع الحضارات\ صمويل هنتنجتن ، و الثاني فرنسي و صاحب عشرين كتابا حول التحولات الكبرى التي تهز العالم في مجالات الاقتصاد و الخيارات الإستراتيجية و المجتمعات الحديثة . كتاب \ هنتنجتن المعروف بعنوان :" من نحن ؟ تأملات في هوية الشعب الأمريكي" وكتاب \ الفرنسي \ جي سورمان بعنوان :" صنع في أمريكا" MADE IN USAتفضل كاتبه بإهدائه لي مشكورا. و كتب أمريكية و فرنسية عديدة منها كتاب المثقف الأمريكي المسلم من أصل هندي (فريد زكريا) و عنوانه (العالم ما بعد الولايات المتحدة) و كتاب لرئيس الحكومة الفرنسي الأسبق (ميشال روكار) حول الأزمات الدولية و آخر للوزير الفرنسي المستقيل من أجل حرب الخليج (جون بيار شوفانمون) بعنوان (تحدي الحضارة) و الأخير الذي صدر منذ أسبوع لرئيس الحكومة الفرنسية المساند الأمين لقضايا العرب (دومينيك دو فيلبان) بعنوان (مذكرات السلام في زمن الحرب) و لكل هذه الكتب محور أساسي هو الهوية الأمريكية و خفايا الأزمات الكبرى التي تهمنا نحن العرب بالدرجة الأولى. فالشعب الأمريكي أحببنا أم كرهنا يقع في مركز الزلازل الدولية و في كل مكان و زمان منذ الحرب العالمية الثانية. فأمة عملاقة كالأمة الأمريكية لابد أن تكون في قلب الزوابع و التوابع التي تعصف بالعالم و تغير التاريخ و تعدل الجغرافيا. و لذلك أصبح البحث عن هوية هذه الأمة شأنا لا يهم الأمريكان فحسب بل يهم الناس أجمعين.