08 نوفمبر 2025

تسجيل

الموسيقار عبد العزيز ناصر... المبدع الذي رحل سريعًا 3

09 أغسطس 2016

فجأة.. ظهرت مع رفقاء الدرب.. تحلمون بغدٍ أكثر إشراقًا وتقدمون صورة مغايرة أنت القائد والملهم بالنسبة لجيل متعطش لخلق إطار آخر لفن الغناء.. كان هذا في العقد السادس من القرن الماضي.. ولأن طموحك ليس له حدود.. منذ أن آليت على نفسك أن تواصل المسير.. كثيرون لا يعرفون كيف تغلبت على كل العقبات! لم تكن بمفردك في تحطيم التابو.. كان أيضًا الصديق الدكتور مرزوق بشير الذي لبى نداء الفن وإن اتجه إلى عوالم المسرح كلا كما حقق ما يصبو إليه. كنت مصرًا على تحقيق أحلامك، فالغاية الأسمى أن يفعل الإنسان ما يحقق به ذاته، وأن يكون صادقًا وهو يعبر مسارات الحياة، وكان ما كان، منذ أن وضعت نصب عينيك تلك المقولة الخالدة لمبدع موسيقي هو بتهوفن.. عندما اتخذته شعارًا (قل الحق ولو خسرت تاج الملك)، وأنت لم تستبدل الحروف ولا الكلمات، ولكن وضعت نصب عينيك جملة أخرى.. (افعل ما يحقق حلمك وطموحاتك وسوف تحقق المستحيل)، وهذا ما حصل.. فعندما التحقت بالدراسة في قاهرة المعز وغيرت بوصلة الدراسة، كان الرفاق معك.. حامد النعمة ورفيق دربك محمد رشيد، أما نحن زملاء الرحلة فقد كانت وجهتنا قريبًا منك، وذات الأكاديمية وإن كان عبر فرع آخر وأعني المسرح.. زملائك محمد بوجسوم رفيق دربك الدكتور مرزوق بشير والعبد لله، غانم السليطي، سالم ماجد، موسى عبد الرحمن. القاهرة الحلم بالنسبة لنا تتحول إلى حقيقة ماثلة للعيان.. وكانت الانطلاقة عندما ارتمينا في أحضان مدينة تحتضن الإبداع وعبر كل الفنون الإبداعية الإنسانية في تلك المدينة الساحرة.. التي لا تنام إلا عبر صوت الشدو الجميل.. كانت رحلة الإبداع لمبدع سجل في حاضرة الخلود اسمه بأحرف من نور.. هو أنت أيها الراحل الجليل. عبد العزيز ناصر.. الراحل الذي ترك فجوة في قلوب الجميع..أحبائه عشاق فنه، ندمائه وخلصائه.. المبدع الذي غيّر من نمط الغناء في وطنه الأم قطر.. وأسهم في تغير نمط الغناء في المنطقة عبر إبداعاته اللحنية.. يقول: (كنت ومازلت مؤمنًا بأن الفن الحقيقي إنما هو ذلك الفن الذي يعبر عن آمال وتطلعات أبنائها.. ويعبر عن الإنسان ومعاناته، أحلامه، تطلعاته). نعم.. غير من نمط الغناء القديم.. من خلال لون أحادي كان متعارفًا كالصوت وألبسته إلى إطار أوركسترالي.. يهتم بكل جوانب اللحن.. واتجه إلى أماكن أبعد عبر أدواته ونلاحظ هذا التنوع عبر صوت محمد رشيد عبر قصيدة عبد الله الجابر (أه لو تدري وتعلم) إلى الفرح في صوت فرج عبد الكريم أو إلى العمق والبساطة في آن واحد عبر أصوات علي عبد الستار وناصر صالح.. وغيرهم. هذه النقلة تحسب بكل المقاييس إلى موهبة خارقة فوق العادة، وكيف تطور من خلال ثقافة موسيقية وموهبة خلاَّقة.. ثم كيف كان مهمومًا بقضية الوطن، ليس فقط عبر حدودنا الجغرافية ولكن الوطن الممتد من الماء إلى الماء.. كيف لفت نظره قصيدة للشاعر هارون هاشم رشيد وصاغ من خلالها أول ألحانه في عام 1967م والتي حملت مفرداتها تلك الصرخة (أيها المحتل أرضي) وهذا ما جعله لاحقًا بقعة ضوء في ذاكرة كل المبدعين عبر إبداعاته لعدد من الأصوات مثل: كارم محمود، سعاد محمد، لطفي بوشناق الذي حصد من خلال لحنه (تصدّق) من كلمات رفيق دربه عبد الله الجابر على ثلاث جوائز في إطار الغناء واللحن والكلمات في مهرجان الإذاعة والتلفزيون في مصر، وكنت عضوًا في لجنة التحكيم في مجال الغناء والموسيقى.. وكيف ترنم بألحانه الفنان عبد الله الرويشد، طلال سلامة، إبراهيم حبيب، نعيمة سميح وغيرهم.