07 نوفمبر 2025
تسجيلعشنا الأسبوع الماضي بداية حركة دبلوماسية تبشر بالخير في قضية الصحراء الغربية لعل هذه المعضلة تجد حلولا سلمية مقبولة بعد ثلاثة وأربعين عاما. الأسباب لهذا التحرك عديدة منها قدوم أمين عام جديد لمنظمة الأمم المتحدة استوعب أصول الاختلاف ولم ينحز مثل بان كي مون لجانب دون جانب ثم التغيير الحاصل في قمة السلطة الأمريكية إذ يبدو أن الرئيس ترامب يتبع نصائح مستشاريه خاصة وزير خارجيته في التعجيل بإطفاء حريق لا لزوم له في منطقة المغرب العربي للاتجاه بالعناية إلى الملفات الأخطر في الشرق الأوسط. وتتمثل مبادرة مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي في تنظيم مفاوضات بين المملكة المغربية ومنظمة البوليزاريو (الساقية الحمراء ووادي الذهب) للخروج من عنق الزجاجة. الأهم هو على ما يبدو لا يرى الجانبان مانعا من الامتثال لمجلس الأمن والدخول في مفاوضات. وللعلم فإن الولايات المتحدة هي التي ترأس مجلس الأمن وهو ما يجعل المبادرة الأممية مبادرة أمريكية أيضا ونحن نثمن هذا الأمل الحقيقي خاصة بعد بوادر اليأس التي تمثلت العام الماضي في حدثين يبدوان متناقضين ولا يبشران بخير وهما أولا العرض الذي تقدم به العاهل المغربي الملك محمد السادس لمنح شعب الصحراء الغربية حكما ذاتيا واسعا في ظل المملكة وتم رفضه من البوليزاريو والثاني الرسالة التي بعث بها الرئيس الجزائري إلى رئيس الجمهورية الصحراوية يساند فيها تحرير هذه الجمهورية ويؤيد ما جاء في قرار أممي قديم حول حق تقرير المصير للشعب الصحراوي، وهو القرار الذي كان قاعدة الأساس للمطالب الصحراوية المتكررة والنزاع المسلح القائم منذ 43 عاما وشكل جرحا نازفا للإقليم المغاربي عطل كل فرصة للتعاون وكل أمل في الوحدة. ولم يعد خافيا على الرأي العام المغاربي والعربي بأن هذا الملف الذي تعولم وتدول عدة مرات لم يجد حلا ولا بصيصا من حل، بل كان تسبب في ما سمي بحرب الرمال التي من ألطاف الله كانت محدودة واشتبكت فيها القوات المغربية مع القوات الجزائرية وهما البلدان اللذان جمعت وتجمع بينهما أواصر القربى والجوار والتصاهر والشراكة في حركة استقلال المغرب العربي وبناء الدولة الحديثة، بل ويشكل اللقاء بينهما اليوم سنة 2017 تواصلا طبيعيا لما كان قائما منذ فجر التاريخ حتى قبل الفتح الإسلامي كما يشكل التبادل الاقتصادي والصناعي والتجاري بينهما كذلك استمرارا طبيعيا وضروريا لما كان عليه الحال أيضا منذ بداية الحضارة الأطلسية الإفريقية إلى اليوم، خاصة أن إقليم المغرب الإسلامي لم يعرف الطوائف وانقساماتها ولا الحروب وماسيها ولا الفتن وذيولها بل المغرب المسلم سني على مذهب الامام مالك رضي الله عنه منذ الفتح، مع قوسين قصيرين فتحا وأوصدا للدولة الفاطمية الشيعية بعاصمتها المهدية التي انتقلت إلى مصر وأسست القاهرة والأزهر الشريف. مع المعز لدين الله الفاطمي وجوهر الصقلي. وغني عن التأكيد أن فشل الاتحاد المغاربي سببه هذه العلة، حتى أن القوى الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي والقوى العالمية مثل الولايات المتحدة أصبحت مصدعة الرأس بهذا المشكل القائم وتحديدا بعد اخفاق مهمة المبعوث الأممي جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق الذي ألقى بالمنديل في أعقاب أربعة أعوام من الجولات المكوكية والمفاوضات مع كل الأطراف وابتكار الحلول التوفيقية فقد اصطدم هذا الدبلوماسي المجرب بما سماه هو نفسه في استجواب للواشنطن بوست بالجدار السميك من سوء التفاهم حتى على المصطلحات ذاتها، فلكل طرف تفسيره لحق تقرير المصير رغم أن مراجع الجميع هي ميثاق منظمة الأمم المتحدة، وكذلك للاستفتاء، بسبب إعداد القائمات للمواطنين الذين يحق لهم حق المشاركة في الاستفتاء وأيضا لمعاني السيادة وبالطبع لترسيم الحدود وجدولة الحلول وإقرار التحكيم. أي أن الأمر بات بالنسبة للوسيط الأممي الذي سيعينه مجلس الأمن لاحقا السعي إلى حل توفيقي. وقد طرحت في عديد مداخلاتي وحواراتي مع شخصيات مغاربية نافذة ما أعتقده كمجرد مواطن مغاربي حلا للأزمة وهو ما كنت قلته مباشرة للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة حينما تشرفت بلقائه في مرحلة لم يكن فيها ماسكا بسلطة بلاده وأيضا لعديد الوزراء المغاربة الذين تربطني بهم علاقات مودة، وهو حل ممكن إذا ما فهمنا السياسة على أنها فن الممكن، ويتلخص في الاتفاق على لجنة حكماء مغاربيين وتكون في تصوري تونس هي المحركة للجنة الحكماء لأنها البلاد المغاربية التي ليست طرفا في النزاع بأي شكل ولأن الدبلوماسية التونسية قادرة على ما سميته (مغربة الأزمة) تمهيدا لمغربة الحل، أي معالجة المشكل في الإقليم دون تدخلات خارجية بدأت منذ شهور تخطط لاستغلال الأزمة لجر المنطقة إلى دوامة الصراعات الملغومة والتحالفات المسمومة مع التأكيد أن هذه اللجنة لا تتناقض مع الحل المقترح من مجلس الأمن الأسبوع الماضي.