18 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الغليان الشعبي العارم الذي يجوب شوارع بغداد ومدن الوسط والجنوب، والمتزامن مع قسوة الحياة ولهيبها التي أججت غليان الشارع المحتقن والمتلبد بغيوم السلطة الفاسدة ووحوشها، التي حولت خزائن البلد، إلى بقرة حلوب لا تدر إلا لسطوتهم، وغمامة لا يعود خراجها إلا لكروشهم التي امتلأت بمال السحت الحرام؛ فعاثوا في الأرض فسادا وظلما، حتى بلغ السيل الزبى، وأخذ الشارع يغلي ضدهم، وضد من أسماهم دواعش الفساد.لعل الغريب في هذه التظاهرات التي خرجت لوقف الخراب والدمار وآفة الفساد، أنها خلت من ركوب الفاسدين موجتها، أو التستر حولها بذرائع متعددة، علها تبعد عنهم صبغة الفساد الممزوجة بإراقة الدماء الزكية التي سالت بسببهم، أو ممن خانوا ضمائرهم وهم يمدون أيديهم القذرة داخل أفواه الجياع ليسرقوا رغيف الخبز منهم، دون أن تأخذهم رأفة بيتيم، أو شفقة بشيخ، أو رحمة بأرملة مكسورة الجناح، أو عطفا على عجوز ثكلى أدماها التعب والحزن على فراق عزيزها، أو فلذة كبدها، أو ممن لحقتهم عاصفة النزوح والتهجير القسري أو الممنهج، فأصبحت دموع الذل تذرف من أعينهم فتحرق قلوبنا، لشدة ما أصابهم من الظلم والجور الذي لحق بهم من سطوة معظم السياسيين الفاسدين. لقد انكشفت عورة السياسيين ولم يعد لديهم رداء يتسترون خلفه وانقشع عن أجسادهم جلباب الدين المزيف، الذي يتخفون باسمه وهم يحرفون الكلم عن مواضعه، فتهيأ لهم أنهم أصحاب اليمين... فخسئوا وخاب فألهم، لأن قسوة ظلمهم وجبروتهم وطغيانهم لن تدوم، طالما ولدنا أحرارا، كقرصة النقى إذ ليس لأحد فضل علينا بها، كون الطبقة السياسية الحالية والتي خيل لها أنها ولية أمرنا، جاءت لكي تسرق بلدنا وتفرق شملنا وتقتل أبناءنا، فهم كثيرون حول السلطة وملذاتها، لكنهم قليلون نحو الوطن والشعب. هذه الطبقة الفاسدة لو كانت قريبة من الله سبحانه وتعالى ومن أنبيائه وأوليائه الذين صعقونا بالبكاء والنياح عليهم، خصوصا أولئك الذين كانوا يقيمون مواكب العزاء وموائد الطعام عند كل مناسبة دينية، ابتداء من واقعة الطف التي استشهد فيها سبط رسولنا الكريم وبعض آل بيته وصحبه المخلصين، مرورا ببقية الأئمة والأولياء الأطهار، حيث يتزاحم فيها تجار السياسة والدين، ممارسين التفنن في تقديم الولاء زيفا للزائرين وتمثيل ادوارٍ بمسرحية المسير والنواح والعويل والندب على الرؤوس والصدور الممزوجة بدموع التماسيح، ولعل المفارقة في هذا العام أنه قد خلا من هؤلاء المنتفعين والمنافقين ولم يشاركوا بمراسم زيارة الإمام موسى بن جعفر الكاظم "عليه السلام" بسبب غليان الشعب المظلوم الذي كسر حاجز الخوف وهو يدخل قبة البرلمان ويحطم هيبته ويخرج أعضاءه منه، خصوصا رئيسه البطل الذي تميز بالهروب والذي لم يعتصر قلبه على معاناة أبناء الشعب الذين يعيشون بلا خبز أو مأوى. بل فاض باللوعة والبكاء على أريكة مكتبه البيضاء التي تلطخت بدماء المتظاهرين الذين تناسوا جراحهم وهم يحطمون زجاج الأبواب الموصدة. إن هؤلاء النواب الذين أفاضوا علينا بوزراء فاسدين، لو تذكروا يوما وهم يتقاسمون ثروات البلد فيما بينهم، ما قاله سيدنا يوسف عليه السلام عندما سألوه، ما لك تجوع وأنت على خزائن الأرض؟ فأجاب: أخاف أن أشبع فأنسى الجائعين... لأضحى بلدنا بلا جياع، لذلك على العراقيين جميعا أن يعلموا جيدا أو ممن غابت عنهم الحقيقة، أن أي شخص يتبوأ منصبا، مهما كان ثقله فهو موظف لدى الشعب وخادم له، وليس سيدا عليه، لأن الشعب هو مصدر السلطات، وإذا كان قدرنا السيئ أن يحكمنا الصغار على حساب الكبار والجهلاء على حساب العلماء، فهذا لأننا في أسوأ الأزمنة وأردأها.نحن اليوم أمام إرادة حقيقية، وفرصة ذهبية أكرمنا الله بها لنوحد صفوفنا، وننبذ العنف الطائفي الذي غرسه أولاد الزنا في مجتمعنا؛ ليحولونا إلى نار متقدة تأكل أخضرنا ويابسنا، فنقعد نتلاوم متحسرين على ما أصابنا، ما يجعلنا أحوج ما نكون إلى أنفسنا ولهذه الثورة لاستعادة كرامتنا التي سلبت منا ولوحدة شملنا... ثورة نرحب بالموت إذا جاء أجلنا، فنموت دفاعا عن أعراضنا وفوق أرضنا التي استباحها الفاسدون غدرا أمام أعيننا وتحت شمس نهارنا.