13 نوفمبر 2025

تسجيل

سوريا.. من يحاسب من ومن يعفو عن من؟

09 مايو 2011

رغم كل إرهاب السلطة السورية المتمثلة حقيقة بحفنة عائلية تعد على الأصابع تقوم بحكم هذا البلد العريق حضارة وتراثا باتجاه تركيع أحرار الشعب الذين هبوا منذ الخامس عشر من مارس في وجه الطغيان والاستبداد والاستعباد بكل تكبر وتجبر وفرعنة غير مبالين بالدماء والأشلاء والجرح والذبح والحصار الجهنمي في درعا وليس في الجولان طبعا والحصار الحالي لمدينتي بانياس وحمص المجاهدتين ورغم إطلاق الرصاص المنهمر نهاراً وليلاً في تلك المدن وسواها كحماة واللاذقية وإدلب والقامشلي ودير الزور ودوما وتل حنين.. وقتل العديد من هؤلاء المتظاهرين البررة الأطهار بدم بارد، رغم كل ذلك تطلع وزارة الداخلية منذ الأسبوع الماضي بقرار منع التظاهرات تحت أي عنوان وبقرار أنها تمهل هؤلاء أسبوعين حتى يسلموا أنفسهم فإن فعلوا فقد نالوا العفو منها وإلا فسوف تعاقبهم كما تشاء طبقا لما أصدرته من قانون تنظيم التظاهر وأنه لابد له من ترخيص طبعا لقد بات الجميع يعرف أن هذا القانون قد تضمن في شروطه ألا يتم إلا بعد تقديمه من جهة مرخصة، كأن تكون هيئة أو حركة أو حزب أو... ومعلوم لدى الجميع أنه لا يوجد حزب في سوريا إلا حزب البعث وأن الجبهة الديمقراطية تابعة للسلطة تماما منذ تأسيسها وإلا فإنها ربما كانت تفعل شيئا ما في البلاد، ما يعني أن هذا القانون هو مجرد حبر على ورق وهو ما ودعته جماهير المتظاهرين الذين لم يأبهوا لتحذير السلطة وخرجوا في جمعة الغضب والتحدي بعد ذلك بعشرات الآلاف حيث لم تستطع درعا البلد أن تشارك بسبب حصارها الجسيم – فك الله أسرها وأسر المدن الأخرى بعدها – نعم إن هذا الشباب البطل الحر لا يمكنه أبدا الانصياع والطاعة لمن سفكوا دماء إخوانه ومازالوا يسفكون بل تجاوز ذلك أول أمس إلى قتل أربع نسوة وهن يطالبن وأولادهن في منطقة بانياس ويتظاهرن سلميا ولا ينشدن إلا الحرية والكرامة، ولكن ماذا تتوقع وأنت أمام آمرين لا دين لهم ولا مبدأ ولا أخلاق ولا عقل فأنى للسياسة أن تأخذ دورها وللحوار والإصلاح والاعتراف بالآخر من الشعب نفسه أن يجد له مساحة مع أناس دمويين متوحشين قاتلين بإطلاق النار على المدنيين العزل المسالمين المتظاهرين الذين أخذ الشبيحة يطأون رؤوسهم وظهورهم بعد أن يعذبوهم أو يقتلوهم أو قبل القتل حتى يجهزوا عليهم كما حدث والد أحد الشباب ريس الجمهورية لدى لقائه بالعشائر في دير الزور أن الجندي أخذ يدوس على رأس ابنه الجريح والوالد يستغيث به ويناشده الله ألا يقتله ولكنه قتله، ثم سأل الريس أما ترى في الفضائيات ماذا يحدث فأجاب التلفزيون لديّ عاطل! فعلا أنى يرى ويسمع من أتى إلى السلطة بالوراثة بانتخابات شيطانية تغير فيها الدستور بأقل من ساعة ليتمكن الريس من دخولها وهو الوحيد المرشح طبعا فيها وقد تمت كما يعرف الجميع بحال القوة وليس في وضع ديمقراطي شفاف نزيه، وبدل أن يكون الريس وهو طبيب دكتور معالجا للمرضى راثيا لحال الموتى والقتلى والشهداء أصبح المسؤول الأول عن هذا القتل شاء أم أبى إذ قد يقول إنه لم يأمر بإطلاق الرصاص ولا جرح المتظاهرين ولكن الحقيقة تؤكد أنه مسؤول وإلا فليعلن مرة ثانية وثالثة أنه لا يستطيع التحكم بقرارات أخيه ماهر الشيطان في القتل والهمجية أو غيره من حرس قديم أو جديد أو فليتنح ويقدم استقالته إن كان وطنيا حقا أو كان واعظا حكيما كما بدا في كلمته إلى الحكومة الجديدة وأنه متواضع وحليم فليهب أن أحرار الشعب ظلموه بالمظاهرات المزعجة السلمية أفلا يكون الأجدر به أن يطبق ما زعمه ويفهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن تعفو عمن ظلمك) أو أن التسامح جزء من العدالة كما قال جوزيف جوبير أو كما جاء في المثل الانجليزي الذي من المفترض أنه سمعه حين درس في بريطانيا: أشرف الثأر العفو! ولكن الحقيقة التي لا معدل عنها أن النفوس الكبيرة هي وحدها التي تعرف التسامح كما كان جواهر لال نهرو يقول. والله إنك لتعجب منه ومن زمرته الباغية التي تقترف كل هذه الجرائم باسم الوطنية والقومية والحرية وما هم إلا كما قال رولان: أيتها الحرية كم من الجرائم ترتكب باسمك، نعم باسم الحرية يصفون خصومهم ومن هؤلاء الخصوم أفراد الشعب الثائر سلميا ضد القهر والعبودية والذي أعلن منذ البداية لمستشارة الرئيس حين أراد أن يسكتهم بتحسين الرواتب وتنزيل الأسعار يابثينة ياشعبان الشعب السوري ما جوعان كما في المثل القائل: حمصة في حرية خير من وليمة في عبودية، إن من أحق الحق الاعتراف بالواقع والأزمة المتفاقمة في البلاد وأنه لا يمكن حلها بغرض القبضة الأمنية وزحف الدبابات والمدرعات والوحدات الخاصة من الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة من الجيش لإدامة قتل الناس وتخويف الشيوخ والأطفال والنساء لا ريب أن هذه الشلة لا رحمة لهم ولا أدل على ذلك من الشقاق جزء من الجيش في درعا وفي الرستن وفي حمص ممن رفضوا رمي المتظاهرين والأبرياء فقتلوهم وهذه حقيقة لا يمكن رفضها ثم ادعوا أن عصابات مسلحة هي التي قتلت ضباط الأمن وجنوده وأخذوا يتخذون ذلك ذريعة وحجة لقمع الشعب باسم استرداد الأمان ولابد لهذه الفضائح أن تظهر دوما وهكذا مرة يقولون مؤامرة خارجية، كما قال غيرهم في مصر وتونس ومرة عصابات مسلحة وأخرى سلفية ورابعة مندسين، ولا غرو في ذلك فالجبان إذا استأسد بأرض فعل كما يشاء سيما أنه سد الأبواب جميعا أمام أي إعلام عربي أو أجنبي مهما كان إذ لو سمحوا حتى للإعلام الروسي والصيني بالدخول وتغطية الأحداث لرضينا بذلك فهما مهما وافقاه سيعرضون كثيرا من الحقائق! ولكن ماذا يفعل الشعب مع من هو حاقد عليه متخلف عن ركب العلم والسلوك الحضاري ليس لديه آلة إلا تكميم الأفواه وإلا المجازر المستمرة كما فعلوا في حماة خاصة عام 1982 حيث ذهب ضحيتها اثنان وأربعون ألفا وإلى اليوم فالعالم نائم والتعتيم الإعلامي قائم ومحاسبة المجرمين السفاحين الذين يجب أن يحاكموا في محاكم الجرائم ضد الإنسانية غائبة فإلى متى هذا التآمر ومن يجب أن يحاسب من ومن يعفو عن من في الذي جرى ويجري الآن ولا وقت لانتهائه وفي نهاية المطاف فلابد أن نؤكد أن ما تستمر به السلطة من القتل والإجهاز على الجرحى وحتى ضرب الأطباء وخطف الجرحى من المشافي وحتى العمل الآن على تغيير معالم العمارات ودهنها بعد تخريبها وإسكان آخرين بدل الذين قتلوا أو هربوا تلبيسا على لجنة حقوق الإنسان في درعا من قبل الأمم المتحدة وغير ذلك من الفظائع لن يوقف التظاهر في عصر الشهداء. [email protected]