05 نوفمبر 2025

تسجيل

معاني الإيثار في السياسة الخارجية القطرية

09 مارس 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بما أن منطقة الشرق الأوسط لا تزال تعاني من الاضطرابات، فإن البحث عن كبش فداء، خاصة في الغرب لما يحدث، قد أصبح أمرا ملحا أكثر من أي وقت مضى. فالولايات المتحدة والدول الأوروبية قد انسحبت من المنطقة بشكل تدريجي، مخلفة وراءها الملايين من الناس تحت رحمة الطغاة المستبدين. ونتيجة لما أحدثه ذلك من فراغ، برز لاعبون جدد في المنطقة لملء الفراغ الذي خلفته قوة عظمى نال منها الإعياء هي وشركاؤها الغربيون. ومنذ اندلاع ثورات الربيع العربي، برزت قطر كواحدة من اللاعبين الأكثر وضوحا ونشاطا في المنطقة، حيث أخذت منذ ذلك الحين، تسلط عليها أضواء الإعلام الدولي من خلال التركيز على أهداف سياستها الخارجية، ودوافعها والنهج السياسي الذي تتبعه. إن التغطية الإعلامية غير المتوازنة التي تعرضت لها قطر لم تكن في صالحها إلا فيما ندر، حيث غدت لعبة "تقريع قطر" أكثر الرياضات شعبية في الغرب.عندما كان الغرب يقف مكتوف الأيدي وهو يرى المنطقة العربية تنزلق نحو الفوضى العارمة وسفك الدماء، فإن قطر كانت قد بدأت في تحمُّل أعباء تفوق وزنها، بمساعيها لاستخدام نفوذ ثروتها بشكل إيجابي، بينما كان المحللون الغربيون يصفون السياسة الخارجية القطرية، بأنها ذات دوافع أيديولوجية ويلصقون بها تهم النفاق والميل إلى الإرهاب.وقلما فهم الغرب دوافع قطر ونواياها ونهجها في العمل، فقطر دولة صغيرة ولكنها غنية بمواردها المالية، وتتبع سياسة خارجية تتسم بالواقعية والإيثار.فإذا تركنا النفوذ الإقليمي والمصالح الوطنية جانبا، فإن السياسة القطرية التي اتسمت تقليديا بعنصر الإيثار في دعم حقوق الآخرين ومساندتهم لنيل حريتهم وحقهم في تقرير المصير وتقديم المأوى للمضطهدين، هذان عنصران أساسيان ميزا بوضوح السياسة الخارجية القطرية خلال ثورات الربيع العربي وما بعدها.وكانت دولة قطر مدفوعة بالحكمة الإسلامية القائلة، العدل أساس الحكم (العدل الاجتماعي والأمن)، في دعمها للجموع التي نزلت إلى الشوارع مطالبة بالعدل المفقود. ربما كانت قطر تعتقد، وفي عجالة، بأن ذلك سيسهل عملية تحقيق الإجماع الوطني للمجتمعات العربية بعد هذه الثورات في كل من ليبيا، ومصر، وسوريا وتونس. كانت قطر ترغب في تحقيق نتائج سريعة وفعالة، حيث برهن الإسلاميون الذين قضوا سنوات في المعارضة، بأنهم قادرون على تحقيق العدالة الاجتماعية والأمن على الأقل على المستوى المحلي. وبناء عليه دعمت قطر مجموعات الثوار، والأحزاب والحركات، ظنا منها أنهم سيحققون بعد الثورة مصالح الشعب بشكل أكثر فعالية، وسيمنحون الناس، في مجتمعات تعاني من الفوضى والاضطرابات، الإحساس بالأمن والاستقرار.وعندما واجه الشعب السوري ظروفا قاسية في ظل تهديدات النظام القمعي، كانت قطر ملتزمة بالقيام بواجبها في حماية أرواح من يتعرضون للتهديد، وسط صمت ولا مبالاة غربية. قطر لم تدعم أبداً مجموعات مثل جبهة النصرة أو داعش، لأنها لم تؤمن بأنهم يمكن أن يحققوا ضمنا أو صراحة مطالب الناس في العدالة الاجتماعية والأمن والاستقرار.رغم هذه الحقيقة فإن الصحفيين والمحللين الغربيين شرعوا في تنفيذ حملة صليبية ضد قطر، من خلال الحكم على سياستها الخارجية بمنظور اختزالي ضيق. وبذلك لم يفشلوا في فهم خصوصيات المنطقة فحسب، بل فشلوا في فهم المبادئ التي تقوم عليها السياسة الخارجية القطرية. ليس لشيء، بل لأنها افتقرت إلى العلامة الليبرالية الغربية، وأن السياسة الخارجية القطرية، حسب فهمهم، لا يمكن أن تكون تعددية وشاملة.