08 نوفمبر 2025
تسجيلعلى تماسٍ مع أحداث أية رواية، فإن القمة الخليجية المقرر عقدها في دولة الكويت في ديسمبر المقبل قد تخطَّفتها يد الصدفة والنوايا السيئة! فوزير الخارجية الأمريكي (ريكس تيلرسون) الذي زار المنطقة مؤخراً أعلن عن عدم تفاؤله بعقد مصالحة خليجية قبل قمة التعاون، وحمّل الوزير الأمريكي دول الحصار مسؤولية قبولها التوصل إلى حل للأزمة الخليجية. وكما يبدو أن الوزير الأمريكي خرج خاليَ الوفاض من الرياض، وقال يوم الخميس قبل الماضي : " لا يبدو لدى دول الحصار الأربع إرادة للخوض في حوار مع قطر، بينما موقف قطر واضح جداً، وهو أنها مستعدة للحوار! لا توقعات لدي بأن الأزمة ستُحل قريباً".وكان سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية قد أكد " أن أي تأجيل للقمة الخليجية سيكون بسبب تعنت دول الحصار". جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده مع نظيره الأمريكي في الدوحة يوم 22/10/2017. وأشار الوزير إلى أنه أكد للوزير الأمريكي التزام دولة قطر بخيار الحوار القائم على أسس واضحة وسليمة ، لا تعتدى على سيادة الدول ولا تخالف القانون الدولي لحل الأزمة الخليجية!. ورفض سعادة الوزير ادعاءات (تطبيع إجراءات الحصار ضد دولة قطر) مشيراً إلى أن ذلك "لا يجوز مطلقاً، لأن مثل هذه القرارات يجب أن تستند إلى القوانين الدولية!وكان سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد قد زار المملكة العربية السعودية مؤخراً واجتمع مع الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية ، قيل إن الاجتماع لم يدم أكثر من عشرين دقيقة ، ولم يسفر عن أيِّ شيء سوى تعابير عدم التوصل لأي اتفاق، تماماً كما حصل مع زيارة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد.ويبدو أن دول الحصار " تستلذ" بلعبة الوقت، ولا تلتفت لأية مبادرة، ومنها وساطة سمو أمير دولة الكويت والموقف الدولي الداعم لها. كما كان حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى واضحاً وعلى قدر المسؤولية عندما أعلن خلال مقابلة تلفزيونية مع شبكة CBS الأمريكية بُثت الإثنين الماضي، أنه سيتقدم 10 آلاف ميل للمصالحة إن تقدَّم الأشقاء متراً واحداً!؟ وهذا دليل أكثر من كاف للموقف القطري الهادئ والداعي للحوار دون تصعيد، خصوصاً بعد توجيه دولة قطر للإعلام بعدم الإساءة لأي من الرموز في دول الحصار.إذن ، وعلى تماسٍ مع الرواية، فإن أزمة حصار الشعب القطري سوف تستمر لوقت أطول!؟ ما يُثبت عدم مسؤولية قادة دول الحصار على بقاء مجلس التعاون متماسكاً، خصوصاً في ظل دعوات بتجميد عضوية قطر في هذا المجلس، ولعل عدم عقد القمة الخليجية، بعد إعلان تأجيلها، يشكِّل انتكاسة كبيرة في مسيرة مجلس التعاون، ما يمكن أن يتسبب في بعض السيناريوهات التي قد " يشطح" بها الخيال، طالما آمَنّا بمفهوم الرواية، التي تمثّل وجهة نظر الروائي.السيناريو الأول : بقاء الأزمة كما هي لفترة طويلة، ما يُنهك جميع الأطراف، ويتسبب في مزيد من الجفوة والحرب الإعلامية "غير النظيفة"، وقد يدفع ذلك لانهيار تحالف الحصار بضغط دولي.السيناريو الثاني: إعلان قيام تحالف للدول الأربع تحت شعار (اتحاد)، ويتم خلال ذلك خلط الأوراق، وقد تدخل الدول الإقليمية في نزاع عسكري.السيناريو الثالث: موت أحد أبطال الرواية في دول الحصار، سواء في حادث أو بأمر من رب العالمين، وهنا سوف تتغير مسارات الحصار، وينفك التحالف ويُرفع الحصار عن دولة قطر.كثيرون سوف يتساءلون عن " سطحية" السيناريو الثالث؟ وقد يتهمون مَن طرَحهُ " بشطحات الخيال" ، ولكن هذا الحدث ممكن الحدوث، وهو من الغيبيات، ومع ذلك يحق للروائي ما لا يحق لغيره!. كون بعض الشعوب العربية يحكمها شخص واحد، فإن مات أو قُتل، تغيرت الأمور والقرارات 360 درجة! ويجوز أن يتحول عدو الأمس إلى صديق اليوم!. ولأن معظم الشعوب العربية لا رأي لها فيما يدور حولها، وليس لدى أغلبها برلمانات حقيقية تقارع النظام، ترسم وتخطط للمستقبل، وتُحدد العدو من الصديق، وتضع مسارات الدولة على ميزان مصالح الشعوب، فإن عرض الرجل الواحد (One Man Show) هو السائد، وهو الذي يتحكم – بقرار- فناء الشعب أو بقائه. وهو الذي يُصدر قرار الحرب وقرار السلم. هكذا دونما مساءلة أو مسؤولية. إذن فالسيناريو الأخير هو الأغرب، وهو الأقرب في ذات الوقت!؟ ذلك أن المواقف العدائية لدول الحصار تجاه دولة قطر كانت قديمة، وإن تغذّت على ما حصل عام 1995، وبداية تحول المسار السياسي التحديثي في دولة قطر. وكثيراً ما كانت هنالك اتهامات ومواقف من الدول الأربع تجاه دولة قطر، وحصل في بعضها استخدام القوة العسكرية، كما حدث في عام 1992 في منطقة (الخفوس) القطرية من قبل القوات السعودية، وأيضاً من سلسلة الحوارات والمناوشات العسكرية حول (جزر حوار) والتي انتهت بالتحكيم الدولي، كما حفل التاريخ بمعارك عسكرية بين قطر والبحرين منها حرب (الزبارة) التي انتهت بانتصار القطريين واستعادتهم للمدينة، ومنها حرب 1867 بعد حادثة خطف قطريين من قبل قوات بحرينية وأخذهم إلى البحرين، وكذلك حرب 1868 وتدمير قطر لسفن تابعة للبحرين وقتل حوالي ألف مقاتل من الطرف الآخر، وكذلك نزاع (فشت الديبل) والذي تدخل فيه الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله وأوقف التصعيد.هنالك اختلافات حول علاقة دولة قطر مع إيران، ضمن حالات مدٍ وجزر لعلاقات دول الحصار مع ذات الدولة ! ورغم التفاؤل الذي ساد علاقات دولة قطر مع كل من دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ، بتشكيل لجان عليا للتعاون بين الأطراف، إلا أن ذلك لم يساهم في وقف الإجراءات التي اتخذتها الدول الأربع ضد دولة قطر.إذن فالسيناريو الثالث قد يدفع بزوال الأزمة، وخلق حالة جديدة للعلاقات الطبيعية بين دول الحصار ودولة قطر.وإذا ما رجعنا للسيناريو الثاني ، وهو قيام تحالف للدول الأربع، أكثر تنظيماً وتأسيساً كحلف أو اتحاد توضع له الأنظمة والتشريعات، فإن ذلك سوف يُعقِّد الأمر برمته، ويُحيل المنطقة إلى حالات تجاذب، وخلط للأوراق، ما يمكن أن يُدخل أطرافاً أجنبية في "معركة السيادة"، بل ستدخل أطراف مثل تركيا والولايات المتحدة وإيران، ونعني بهذا مواجهة عسكرية في منطقة الخليج. وهذا هو السيناريو الأصعب، والذي قد يُغيّر وجه الحياة على الأرض، ويخلق الفوضى داخل جميع الدول، ما يمكن أن يستتبعهُ تغيّر الأنظمة، وتشطير بعض الدول. وهو مشروع تنبأت به بعض مراكز الدراسات الاستراتيجية . وهذا التحالف سوف تدعمه دول الخليج مادياً وتدعمه مصر بشرياً، ما يمكن أن يشكل تهديداً لإيران وتركيا، ما يعني أنه ستكون له ردات فعل مضادة ، قد تأخذ شكل (الحلف المضاد)، قد تضطر كل من دولة قطر وسلطنة عمان إلى الانضمام إليه، في حال تعرُّض أمنهُما للخطر أو اقتراب قوات (التحالف الجديد) من الحدود القطرية أو العمانية! ما زلت أُذكّركم بأن هذا تصوُّر روائي لثلاثة سيناريوهات قد تحدث في المنطقة1أما السيناريو الأول ، وهو استمرار الأزمة لوقت طويل، يزيد في تبادل الاتهامات والحرب الإعلامية والشكاوى عند المنظمات الدولية، والشكاوى المضادة، وكذلك الإجراءات الخاصة بتنقل الأفراد، وقد يصل الأمر إلى الأمم المتحدة – المعروفة بالبال الطويل في حل المشاكل – وهذا قد يساهم في تصدُّع التحالف نتيجة تضارب مصالح دول الحصار في المستقبل، نظراً لتضارب مصالح دول الحصار، واختلاف المعالجات للواقع العسكري على الأرض في الحرب على اليمن مثلاً، أو صدور قرارات دولية على بعض دول الحصار فيما يتعلق بقتل المدنيين وتغيّر الواقع الديموغرافي في بعض مناطق اليمن، والقفز على الشرعية. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تفكك الحصار، وقد تلجأ بعض دول الحصار إلى " التراضي" مع دولة قطر.هذا بعض أحداث رواية مُتخيلة ، وما زلنا نعيش هذه الأحداث كل يوم، وقد يكون من السابق لأوانه قبول أي سيناريو من السيناريوهات الثلاثة، ولكن لا ضير من التفكير فيها.