13 نوفمبر 2025
تسجيلليس من المستغرب توجه السلطات في عمان لاستجابة لدعوات مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي بخصوص تقليص النفقات، حيثما أمكن وذلك في ضوء انخفاض أسعار النفط وبقائها منخفضة. ويمكن الزعم بأن عصر الإنفاق أصبح صفة مشتركة بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي لكن عبر مستويات مختلفة نظرا لتباين الظروف المالية للدول الست. أمر لافت تصور صندوق النقد الدولي بأن المالية العامة في السلطنة كانت تعاني في الماضي من ظاهرة العجز غير القابل للاستدامة المالية على المدى الطويل. لكن الوضع أكثر تعقيدا الآن حيث بات العجز يتكون من رقمين من الناتج المحلي الإجمالي. للتأكيد على هذا الكلام، شكل العجز في السنة المالية 2015 قرابة 15 في من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أمر غير عادي بالنسبة لبلد يتبنى سياسات محافظة على الأصعدة السياسية والاجتماعية فضلا عن الاقتصادية. وكان عام 2015 قد انتهى بعجز حاد قدره 11.9 مليار دولار أي 80 بالمائة أعلى من الرقم المعتمد في الموازنة عند إقرارها وهي أول سنة كاملة منذ الهبوط الحالي لأسعار النفط في صيف 2014.كما تم إعداد موازنة 2016 بنفقات قدرها 30.9 مليار دولار مقابل إيرادات في حدود 22.3 مليار دولار ما يعني توقع عجز بنحو 8.6 مليار دولار. بل إن الرقم مرشح للارتفاع في ضوء عدم تحسن أسعار النفط الأمر الذي يتطلب معالجة مسألة النفقات والبحث عن إيرادات أخرى.تتضمن بعض التوصيات المحددة لمعالجة تحدي المصروفات بالسعي إلى تخفيض الأجور والإعانات. وتشمل أحدث الخطوات إنهاء بعض المزايا غير ضرورية أو الفاخرة في مؤسسات تتبع السلطنة. تشمل هذه الخطوات إنهاء التأمين الصحي والتأمين على الحياة والتأمين على السفر والتأمين على السيارات، والمكافآت، والقروض، وكذلك بدلات الرسوم المدرسية، والإسكان، والهواتف المحمولة.الموضوع الآخر هو معالجة الإعانات، إذ يوجد توجه إلى خفض الدعم المقدم للكهرباء ومشتقات الغاز. تضاف هذه التوجهات إلى خفض الدعم على البنزين والديزل. تقليديا، شكل الدعم قرابة 7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي وهي نسبة كبيرة غير قابلة للاستدامة في البيئة المتدنية لأسعار النفط.يشار إلى أنه تم إعداد موازنة 2016 عبر تضمين مشاريع للدعم بقيمة 1.4 مليار دولار منخفضا عن 3.4 مليار دولار والذي تم إقراره لعام 2015 ما يعكس التصميم لترشيد الإنفاق. بمعنى آخر، تمثل كلفة الدعم نحو 5 بالمائة من نفقات 2016 مقارنة مع 9 بالمائة في عام 2015 ما يعد تحولا.يعتبر القطاع النفطي بما في ذلك الغاز ضروري لرفاهية الاقتصاد العماني بدليل توفيره لقرابة 78 بالمائة من إيرادات الخزانة العامة في 2015. التوقعات للسنة المالية 2016 عبارة عن مساهمة قدرها 53 بالمائة و 19 بالمائة من مجموع الإيرادات بالنسبة للنفط والغاز على التوالي. مؤكدا، يوجد تفهم لتجنب صناع القرار الاستفادة من الاحتياطي العام لتمويل عجز الموازنة أو الحد من ذلك قدر المستطاع. فحسب أفضل الإحصاءات المتوافرة، لدى السلطنة احتياطي قدره 19 مليار دولار، حيث يوفر هذا المبلغ طمأنينة للمتعاملين مع السلطنة فيما يخص التوريد فضلا عن غطاء للنقد المتداول في الاقتصاد المحلي.وعلاوة على ذلك، تستفيد عمان من منحة 10 مليارات دولار المقدمة من المنظومة الخليجية لغرض تمويل أعمال البنية التحتية والمشاريع الإسكانية. نفس مستوى الدعم مقدم للبحرين. ختاما، لا يمكن استبعاد فرضية تسجيل نقص مالي حاد في عام 2016 ما لم يتخذ المسؤولون تدابير جذرية بشأن النفقات والإيرادات.