09 نوفمبر 2025

تسجيل

الصحفي العربي بين الالتزام والنفاق

08 مايو 2012

بعض الصحفيين العرب تقرأ له وتشعر بأنه يتمزق من داخله على ما آل إليه حال أمتنا العربية وما يواجهها ويجرك معه إلى ساحة الحرقة والآلام من حال الأمة ولا تستطيع إلا أن تنضم إليه، قد تنفعل من جراء مقالة ذلك الصحفي فتنهمر دموعك حزنا وألما لما أصابنا "أمة القرآن" " كلام الله " هذا هو نموذج الصحفي الملتزم الذي نعتز به ونحميه. البعض الآخر منهم تقرأ له وتكاد تتمزق من الغيظ لما يكتب عن أمتنا العربية الإسلامية وقادتها ورموزها الفكرية من سلبيات لكن أسلوبه في الكتابة سلس مقبول في مظهره مرفوض في جوهره وهذا النوع من الصحفيين ينطبق عليه قول الحق " ومن الناس من يعجبك قوله وهو ألد الخصام ". كل هذا يهون ويمكن أن تكتم غضبك من هذه الأنواع كرها لما قرأت تثبيطا وتحقيرا لأمتنا العربية الخالدة بخلود القرآن الكريم. لكن المصيبة تقع على القارئ العربي عندما يقرأ مقالا كتبه صحفي يعتبره البعض منا كبيرا في مكانته وضليعا في خبرته الصحفية وعمق ثقافته ثم يكتشف أنه أجوف منافق وكما نسميه في الخليج العربي " مساح جوخ ". في هذا الأسبوع قرأت مقالة لذلك النوع من الصحفيين العرب " المنافقين " يمجد اللواء عمر سليمان مدير المخابرات المصرية في عهد مبارك المخلوع يقول في مقالته تلك " إن اللواء تعرض لحملة شرسة ظالمة، وإنه يعرف اللواء سليمان وإنه اجتمع به مرارا وحدثه اللواء بأن المخابرات المصرية كانت تعرف أين يوجد كل نفق ومن أين يخرج من العريش وأين ينتهي في قطاع غزة وإنه يرفض وقوع صواريخ في يد المقاومة الفلسطينية في غزة لأنها غير مجدية كما قال " والسؤال لماذا لا يجعلها مجدية لمقاومة أطماع إسرائيل التوسعية في أرض العرب ؟ أعرف جيدا أن ذلك الكاتب متابع وقارئ للصحافة الأجنبية في تقديري أكثر من متابعته للصحافة العربية وهنا أسأله ألم يقرأ أو يسمع التقرير الذي نشره موقع قناة (إي بي سي) الأمريكية الصادر في شهر فبراير 2011 عندما عين اللواء سليمان نائبا للرئيس المخلوع حسني مبارك؟ لقد جاء في ذلك التقرير " أن المخابرات المصرية بقيادة اللواء عمر سليمان قدمت خدمات عظيمة وهامة للمخابرات الأمريكية عندما أجرت التحقيقات مع بعض المتهمين العرب لانتزاع اعترافاتهم عن طريق التعذيب المشين نيابة عن المخابرات الأمريكية بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة وأن لهم علاقة مع الرئيس صدام حسين رحمه الله الأمر الذي أضيف إلى مجموعة التهم التي أدت إلى احتلال العراق وأخيرا ثبتت أكاذيب تقارير المخابرات المصرية (عمر سليمان) عن وجود القاعدة في العراق إبان حكم الرئيس صدام حسين. طلبت المخابرات الأمريكية من اللواء سليمان بعض قطرات من دم "أخو أيمن الظواهري" أو "لحسة من لعابه" لمقارنته بشخص قتل قيل إنه أيمن الظواهري وكانت المخابرات الأمريكية تريد عينة من الدم أو لعاب شقيقه لفحص الـ (دي إن إي) وعرض عمر سليمان قطع إحدى يدي شقيق السيد أيمن الظواهري وإرسالها إلى أمريكا، لا جدال بأن المخابرات الأمريكية استهجنت ذلك العرض وأبلغته أنه يكفي قطرات من الدم (الشروق المصرية 14/4/2012). في الشأن الفلسطيني عمر سليمان يعتبر المقاومة الفلسطينية (حماس) وأعمالها أعمالا إرهابية وعناصرها إرهابيين، كما أنه قال للقذافي أمام حسني مبارك، في غزة نصف مليون إرهابي يهددون أمن مصر وإن هدف إسقاط حكومة حماس في غزة هدفا استراتيجيا لمصر (المرجع السابق) أستحلفكم بالله يا معشر الصحفيين والكتاب هل تختلف هذا الأقوال عن التصريحات والبيانات الإسرائيلية في الشأن الفلسطيني؟ هل يجوز للصحفي العربي المهني النزيه أن يمتدح اللواء سليمان ويمجده ويقول إنه يدافع عن حقوق الفلسطينيين وإنه يتعرض لحملة ظالمة؟ لا أريد أن أثقل على القارئ الكريم ما أوردته الصحافة الإسرائيلية وكبار كتابها إطراء وتمجيدا لسليمان وإنه ضمانة لأمن إسرائيل عندما رشح نفسه لرئاسة جمهورية مصر العربية. إن مهمة الصحفي الملتزم بأمر أمته أن يكتب الوقائع ويحللها تحليلا علميا ويترك القارئ يستنتج. إن الصحفي عندما ينحرف نحو تمجيد السلطان والوزير والأمير والمدير في مقالاته فإن ذلك يدخله في باب النفاق والخديعة لكل من قابلهم وتحدث عنهم، إن البعض من صحفيينا العرب يقومون بعملية تضليل للحاكم العربي بمدحه وذكر إنجازاته إن كان له إنجازات في الداخل أو الخارج دون أن يبدوا السلبيات والأخطاء التي وقع فيها الحاكم، إنهم بفعل مديحهم له دون ذكر سلبياته يزينون له سوء أعماله وهذه جريمة لا تغتفر وخيانة لأمانة الكلمة والقلم الذي أعزه الله بسورة في القرآن الكريم. آخر القول: احذروا يا شعب مصر العزيزة من تولي فلول حسني وسليمان أي مناصب قيادية في عصر ثورتكم المباركة.