17 نوفمبر 2025
تسجيلالعبارة الشهيرة للفيلسوف الفرنسى رينيه ديكارت التى انطلقت من رحم بداية عصر الأنوار القرن السابع عشر "انا افكر اذن أنا موجود" استشهد بها كثيرا بعدها وصول الى القرن الواحد والعشرين "أنا فى موقع جوجل اذن أنا موجود" واليوم "أنا املك حسابا فى تويتر والفيسبوك اذن أنا موجود ". ان الاعلام الجديد وأدواته والمواقع الاجتماعية أصبحت تشغل العالم العربى من محيطه الى خليجه، وهو يساهم فى التغير ويقوم بتوصيل الأصوات المهشمة والمبعدة ولم يعد ترفا بل ضرورة وشريان حياة لجيل كبير من الفئات الشبابية العربية، ولكن الطريق ليس معبدا أيضا؟! التقارير التى تنشر عن ثورة وسائل الاعلام الجديد فى العالم العربى فى ازدياد وتنوع وهى تشير الى ارتفاع المشاركات والتغريديات بشكل تصاعدى غير مسبوق، فالجيل الجديد من شبان وفتيات يعمدون الى انشاء صفحات متخصصة فى معظم قضايا المجتمع العربى وينتجون أفلاما تسجيلية للتعليق على القضايا وانتقاد مسؤولين سياسيين ورجال دين ومثقفين وحتى اعلاميين. موقع الفيس بوك الذى يستعد للدخول فى سوق الأسهم الأمريكية قريبا أشار الى أن عدد المستخدمين وصل الى 901 مليون مستخدم بزيادة تصل الى 33 % عن العام الماضى 2011م، ووصل عدد مرات الضغط على زر الاعجاب وكتابة التعليقات باليوم الواحد 3.2 مليار مرة، ويقوم مستخدمو الفيس بوك برفع 300 مليون صورة يوميا، وبلغ عدد مستخدمى الموقع بشكل يومى قرابة 526 مليون مستخدم. المملكة العربية السعودية، تصدرت الشرق الأوسط فى عدد مستخدمى الفيسبوك بأكثر من 4،5 مليون مستخدم حسب الاستطلاع الأخير الذى نشره الموقع العالمى لاحصائيات الانترنت. وتفوقت المملكة فى عدد مستخدمى الفيسبوك على جميع الدول العربية بما فيها دول يتجاوز عدد سكانها 70 مليوم نسمة، وجاءت الامارات بالمركز الثانى والأردن ثالثاً.دراسة شركة "اومنيكوم غروب" المتخصصة فى التسويق، اشارت الى تزايد كبير فى ارتياد مواقع التواصل الاجتماعى بحيث قال 86 فى المائة ممن شملهم الاستطلاع فى السعودية، ان "فيسبوك" موقعهم المفضل يليه منتديات الدردشة والبريد الالكتروني. لقد اشار ما يقارب 49 فى المائة من الذين شملهم الاستطلاع الى أنهم لا يستطيعون العيش من دون "فيسبوك". كما تحولت مجموعة من الفتيات سعوديات الى مواقع التواصل الاجتماعى وعلى رأسها "تويتر" و"فيسبوك" للبحث عن شريك حياتهن، وذلك بسبب انتشار العنوسة، وهو ما يعنى تحول مواقع التواصل الاجتماعى الى القيام بدور "الخاطبة" الذى كان ساريًّا منذ سنوات. لكن ليس كل ما يحيط بالاعلام الجديد مفروشا بالورد. فالأشواك منثورة فى الطريق وهى جارحة ومؤلمة أيضا ويتم استخدامها كأسلحة مضادة ضد التحول والتغير. مجموعة «الجيش السورى الالكتروني» تتصدر مشهد التخريب والفساد وهى شنت سلسلة هجمات الكترونية تمكّنت من شل قدرة قناة «العربية» الاخبارية على التحكم بمنصات الاعلام الاجتماعى التابعة لها كما استهدفت محطة الجزيرة وغيرها من وسائل الاعلام وخصوصا الصحافة الالكترونية والمواقع الاجتماعية العربية المشهورة والتى تسمح بعرض الآراء المعارضة. تمكنت هذه المجموعة من السيطرة كلياً على صفحة «العربية» على موقع «فيسبوك»، وقناتها على موقع «يوتيوب»، وعدد من حساباتها على موقع التدوين المصغر الشهير «تويتر» حيث بدأ حساب «العربية» الخاص بالأخبار العاجلة ببث معلومات — ثبت لاحقاً أنها غير صحيحة — سعت الى خلق اشاعات بوجود خلاف داخل الحكومة القطرية ووجود انفجار فى حقل غاز. الحرب كما أشار المنتسبون لها مع وسائل الاعلام كافة التى تصف بأنها «تشوه الحقائق حول ما يجرى فى سوريا»، بما فى ذلك قناة «الجزيرة» القطرية التى يقول ان الجيش الالكترونى قد هاجمها مراراً، وهو ما يدعمه برسائل الكترونية أرسل نسخاً عنها من مسؤولين فى القناة يشيرون الى «هجوم آخر من قبل السوريين » وكما جاء فى تقرير صحيفة الحياة، تم استهداف موقع جامعة هارفارد، وترك صورة للرئيس السورى بشار الأسد فى زيه العسكرى على صفحتها الرئيسية. والحرب المفتوحة التى تحاول ان تدمر كل محاولة للتغيير متواصلة على التويتر والفيسبوك بشكل مستمر وتحت أسماء وجهات مختلفة ومتعددة، موقع التواصل الاجتماعى والفيسبوك قام بالغاء حوالى 150 صفحة للجيش السوري، لكن رغم ذلك منها ما أعيد افتتاحه تحت أسماء مختلفة. اقحام الدين واستغلال معتقدات الناس الفطرية توظف لمحاربة وسائل الاعلام الجديد وأدواته. طهران تأتى فى مقدمة القائمة التى تستخدم أجهزة مراقبة لحجب مواقع فيسبوك وبريد غوغل "جى ميل" ومواقع اخبارية أجنبية. فهناك تقرير لصحيفة "صنداى تيليغراف" اشار الى أنه اذا حاول المستخدم الدخول على موقع فيسبوك من على خط الانترنت العادى فانه سيعاد توجيهه الى صفحة مألوفة لمن تصفح الانترنت فى ايران من قبل. تقترح هذه الصفحة مجموعة من المواقع التى تقرها الحكومة والتى قد يود المستخدم تجربتها بدلا من فيسبوك اولها موقع الكترونى للقرآن. وتقول الصفحة ان المواقع المحجوبة هى تلك التى تعتبر اجرامية وتنتهك "المقدسات الاسلامية" او تهين مسؤولين حكوميين. كما أصدرت الشرطة الايرانية المخصصة لشؤون الانترنت قوانين جديدة على أصحاب مقاهى الانترنت، ويمنح هذا الدليل الارشادى المكون من 20 نقطة مهلة 15 يوماً للمقاهى لتركيب كاميرات أمنية والبدء بجمع معلومات شخصية مفصلة حول الزبائن. تقرير جديد لمنظمة "مراسلون بلا حدود" ذكر ان "القمع الايرانى الصارم الموجود أصلاً أصبح أكثر وحشية"، وأطلقت المنظمة على الجمهورية الاسلامية اسم "عدو الانترنت". وذكرت نشرة "نظرة الى الشرق الاوسط المعاصر" أن أحكام الاعدام التى صدرت بحق المدونين والصحفيين، وحملات الاعتقال والقيود الصارمة على شبكات التفاعل الاجتماعى وازدياد فعالية "الجدران النارية" التى تقع تحت ادارة الدولة، زودت ايران بوسائل صارمة لاحكام القبضة على الانترنت وفرض الرقابة على الشبكات. المخيف ان ايران اعلنت عن انشاء المجلس الاعلى للفضاء الالكترونى وهو الهيئة المكلفة بالرقابة على الانترنت. كما أنها ادعت ان "جيش ايران السيبري" وهو عبارة عن مجموعة قراصنة ومدونين مدعومين من الحكومة وصل الى أكثر من 100000 عضو. هذا السيناريو البشع الذى نسمع عنه ليس ببعيد عن العالم العربى وقد يتكرر فى بعض الدول العربية بما فيها التى تحررت من قبضة الديكتاتورية العسكرية والتى قد تسقط فى أيدى الديكتاتورية التى تمسك المسبحة الدينية وتقوم حتى بمحاربته والقضاء على الاعلام الجديد وأدواته التى ساعدتها فى الوصول الى السلطة ويا لسخرية القدر؟!.