09 نوفمبر 2025
تسجيلقال صاحبي: كيف أفسد الغرب أخلاقنا وغير حياتنا الاجتماعية.. أفدني أفادك الله؟ قلت: اقترن إفساد الأخلاق وتغيير الحياة الاجتماعية، في الأمة الإسلامية في القرون الأخيرة باستخدام وسائل الإعلام وبالحرب العلمية والفكرية، وتأثر أصحاب الاتجاهات الغربية بالحضارة الأوروبية، وطالبوا بتحرير المرأة من الجهل والحجاب، وتمكينها من أن تكون قوة فعالة في المجتمع، وقد ظهر بهذا الشأن كتابان لقاسم أمين، الكتاب الأول هو "تحرير المرأة" وقد طبع عام 1899م، والكتاب الثاني هو "المرأة الجديدة" وطبع عام 1900م. وطالب في الكتاب الأول بتقييد تعدد الزوجات ودافع عن مشروعية الطلاق في الإسلام ولكنه انتهى إلى "مشروع قانون للطلاق لا يتم فيه الطلاق إلا أمام القاضي في وثيقة رسمية بحضور شاهدين..". أما الكتاب الثاني "المرأة الجديدة" فيوضح فيه قاسم أمين: أننا قد ورثنا الصورة التي كوناها عن المرأة من العرب الذين قامت حياتهم على النهب والغزو، ومن ثم لم يكن فيها للمرأة نصيب تشارك به في الدولة ثم لم يكن لها نصيب في تربية الولد، لأن تربيته كانت مقصورة على تغذية جسمه ليشب مقاتلا لا عالما فاضلا. وقد هاجم علماء الدين قاسم أمين بشدة، وجرته مهاجمتهم إلى القسوة في الحكم على الحضارة الإسلامية في بعض الأحيان ويدعو قاسم أمين في نهاية كتابه دعوة صريحة إلى الأخذ بأساليب الحضارة الغربية؛ لأن إعجابنا الشديد بالماضي هو نتيجة لشعورنا بالضعف والعجز. ولكن الناس خطوا إلى أبعد مما نادى به قاسم أمين، فقد كان الرجل يريد أن يقف بالحجاب عندما أمر به الله، وأنه يدعو إلى ألا يجور الناس بتجاوز حدود الله. ولم يدع قاسم إلى اختلاط المرأة بالرجال ومراقصهم ولكن هو الذي خطا الخطوة الأولى في طريق كان لابد أن يسير الناس فيه من بعده خطوات. ولا ريب أن مسؤولية قاسم تتعدى ذلك لأنه دعا إلى الأخذ بالحضارة الغربية في جوانبها التربوية والاجتماعية، ففتح بذلك باب الشر على مصراعيه، فقد أخذت الأمور تتطور تطورا سريعا حتى انتشرت دعوة قاسم أمين في وقت وجيز، لقد تخطت المرأة المسلمة كل الحدود حتى أصبحت تظهر على شواطئ البحر في المصايف بما لا يكاد يستر شيئا وقد اقتحمت المرأة كل ميادين العلم والعمل، بل اشتركت في المظاهرات السياسية في ثورة 1919م، وكان على رأس المتظاهرين صفية زغلول حرم سعد زغلول وهدى شعراوي حرم علي شعراوي باشا، وتزعمت هدى شعراوي الحركة النسوية وتجرأت على ما لم تتجرأ عليه امرأة مسلمة من قبل، فسافرت إلى باريس وأمريكا لدراسة شؤون المرأة وأخذت تلقي بالتصريحات والأحاديث للصحفيين. وقد قامت معركة أخرى بمصر حول خلع الطربوش، واستبداله بـ"القبعة" وساهمت الصحافة المأجورة في هذه المعركة، وتصدى لها في ذلك وفي غيرة بعض الغيورين على دينهم وعلى رأسهم الأديب المسلم مصطفى صادق الرافعي رحمه الله... هذا وللحديث بقية.