05 نوفمبر 2025

تسجيل

كل الشرور تحت القشور

08 مارس 2021

تجذبنا دائماً الأشكال البراقة والمنظر الجميل للأشياء وغالباً ما يهتم معظمنا بالمظهر الخارجي فنبذل جل مقدرتنا لتلميع وإبراز صورنا وهيئاتنا وكلماتنا وربما أفكارنا لتنال رضا واستحسان الآخرين. وهذا هو حال مؤسساتنا ودوائرنا الحكومية حيث المباني المتجانسة والعصرية على أحدث طراز والتنظيم الخارجي على أعلى المستويات والمباني مجهزة بأفضل الأثاث المكتبي ومزودة بأحدث الأجهزة والمعدات المتقدمة لتواكب كل ما هو جديد في تطبيق أساليب العمل الحديثة. ويتسابق المسؤولون في هذه المنظمات على رسم الصور المنمقة والحالمة عن المنظمة والمشاريع والبرامج التي تقدمها سواء نالت هذه الأخيرة رضا واستحسان الجمهور أم لا فهم ماضون فيما يعتقدون أنه براق ! وفي الواقع يرتكز اهتمام المسؤولين حول التجديد والتغيير المرتبط فقط بالقشور وبكل ما هو ظاهر للعيان بدءاً من الأثاث والمكاتب وانتهاءً بتوفير أحدث النسخ من الأجهزة والمعدات المكتبية رغم أهلية الموجود بالفعل ! إلا أن النفس تهوى الجديد !! وإذا ما الميزانية تسمح فما المانع؟! فهي دوماً تسمح لمتطلبات البعض ولا تسمح لمتطلبات جادة وضرورية للبعض الآخر !!. وفي الحقيقة يتغافل هؤلاء تلك الرائحة النتنة التي تنبعث من العفن الذي ينشأ تحت الأسطح اللامعة !! ولو جربت إزاحة هذه القشورالمزيفة سوف تجد ما يذهلك. ذلك العفن الذي يكافئ المهمل ويصب جام غضبه على المخلص!! العفن الذي ينتصر لأصحاب الولاءات ويقصي أصحاب الحق!! العفن الذي يجمد أصحاب العقول المتميزة ويمنح الفرص لمن لا يعي قيمتها!! العفن الذي يمنح الصلاحيات لأصحاب القدرة ويحجبها عن الموظف الضعيف !! العفن الذي يقدر مجالس النميمة والغيبة ويستحقر أصحاب النيات الطيبة !! العفن الذي يمنح المكافآت وفق ميوله ونزولاً عند رغباته العاطفية ومصالحه المشتركة !! العفن الذي يرفع من شخص يفقه في كل شيء إلا العمل ويحط من شخص لا يعرف سوى العمل !!! أيها المسؤول إن هذا الخطر الممتد تحت الأسطح والمنتشر في أروقة مؤسستك وبين موظفيك والمنعكس على جودة الأداء والخدمات هو الأجدر بالتغيير والتجديد و( التلميع ) لا نختلف أبداً أن التغيير في الشكل والمنظر مطلوب فهو مظهر من مظاهر النمو والازدهار بل ولابد منه لمواكبة التطور الحضاري المتسارع، بيد أن من الأولوية توجيه التركيز على ما خفي تحت الألحية والقشور؛ وذلك لمجابهة التخلف والضعف والحد من الأوبئة التي تعصف بمجتمع العمل، ولتوفير مناخ عمل زاخر وغني يكسوه الرضا وتغلفه الرغبة في أداء الأعمال والمهام ولتحقيق تنمية حقيقية ذات أساس متين وراسخ لا تهزه رياح الأهواء ولا تهيمن عليه السلبية ومافيا العمل. إن من صور الوطنية المخلصة النأي بكل المصالح والمنافع الشخصية وتمركز التفكير في تقديم كل ما يساهم في رفعة الوطن ونهضته وأن تكون تلك الصروح والأبنية الحديثة مرآة تعكس نقاء وجمال وروعة داخلها وشواهد على استحقاق أبناء الوطن لهذا التطور والرقي ولهذه التنمية الشاملة ولهذا المستقبل المشرق في ظل الرؤية الحكيمة للقيادة الرشيدة. ولا يتم ذلك إلا عن طريق تغذية روح الولاء للوطن أولاً ثم تحري أعلى مقاييس الجودة الشاملة في العمل ومنح الفرص لأصحاب القدرات الحقيقية، أضف إلى ذلك العمل على تطبيق الشفافية والقياس الموضوعي للأداء والاهتمام بالعلوم السلوكية كواحدة من الركائز التي يقوم عليها التطوير التنظيمي بالإضافة إلى توظيف منهجية الإحلال بالتعاقب وإبراز الموظفين أصحاب العقول النابغة وعدم إبعادهم وإقصائهم خوفاً من تفوقهم بل العمل على الاستفادة من ذلك التفوق الاستفادة القصوى فلا تبنى الأوطان إلا بكفاءات أصحاب الهمم. مستشارة توجيه حياتي ومدرب مهارات الحياة [email protected]