09 نوفمبر 2025

تسجيل

الفرق بين «الهوية» و{الهووي» ومغزى الخطاب السامي

07 نوفمبر 2019

استكمالاً لإشارة صاحب السمو الأمير المفدى في خطابه، في افتتاح دور الانعقاد لمجلس الشورى في موسمه الحالي، حيث أشار سموه إلى خطورة التعالي باسم الهوية، وقد أشرت في مقالي السابق إلى أهمية فهمها فهماً حقيقياً، حتى ندرك معنى ومغزى سموه من ذكرها ضمن حديثه عن إنجازات الدولة وخططها المستقبلية، أود هنا أن أضيف بعض الملاحظات استكمالاً لمزيد من الإيضاح والشرح في هذا الموضوع الهام: أولاً: الهوية بمعنى الانتماء الوطني والديني والسياسي والاجتماعي، لا يمكن التنكر لها أو رفضها أو إلغاؤها، لكل فرد منا انتماؤه الوطني لبلده، والديني لعقيدته، والاجتماعي والسياسي، كذلك لفكره أو عائلته. ثانياً: الاعتراف بهذه الهويات هو أساس التعايش في المجتمعات المتطورة التي نراها اليوم، وعدم الاعتراف بها أو التصادم بينها، هو سبب تخلف البعض الآخر، ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح في عالم اليوم. ثالثاً: علينا أن نقيم مجتمع هوية منفتحة، بمعنى أن لا تكون على حساب الحرية، أي أن تكون هويتنا ضمن إطار حريتنا، لا أن تتحكم هويتنا الضيقة في مجال حريتنا نحو الآخر المختلف، فيصبح الرفض أو القبول هما فقط مناط الحكم على حساب التعايش مع الاختلاف . رابعاً: وهو المهم، والذي أعتقد أنه ما يجب أن ندرك مغزاه خلف إشارة سموه الكريم، وهو الفرق بين «الهوية» و «الهووي»، أي شعورها بالتفوق على غيرها من الهويات، وهذا نوع من التسلط غير المبرر وغير المقبول، ويمكن ملاحظة مثل هذا التسلط الهووي في شتى المجالات، وفي جميع المجتمعات كذلك، فالمطلوب من المجتمع كبح جماح «الهووي» داخل هويته، حتى يكبحها من التجاوز والإساءة إلى الغير، وهو خطاب إنساني وليس معنياً بمجتمع دون آخر. خامساً: العالم اليوم لم يعد يحتمل البعد «الهووي» داخل الهوية، وهو مع الأسف في تزايد حتى داخل الدول المتقدمة نتيجة الهجرات، وسوء أوضاع الدول النامية، ما يهمني هنا هو مجتمعنا الصغير المتجانس، من مواطنين ومقيمين، علينا بكل بصيرة أن نفرق بين الهوية وما «هووي» استعلائي داخلها، لنزع فتيل الانفجار، وتحويل الهوية إلى وسيلة للحرية بطبيعتها الإنسانية، وليس إلى أداة تسلط بطبيعتها «الهووية» الضيقة، حيث إن الشعور الهووي ليس سوى نزعة تسلطية غير مبررة، وشعور ناقص إزاء الفطرة الإنسانية السليمة. [email protected]