08 نوفمبر 2025
تسجيلصعب أن تعيش على انتظار الوهم، انتظار حلم فاجأك ذات يوم بروعته ثم تركك ومضى في طريقه وكأن شيئا لم يكن، حلم لم يتحقق ولا حتى يستمر. صعب أن تموت مرتين بل وأكثر.. مرة لحظة الرحيل ومرة لحظة الانكسار والسقوط المؤلم ومرات في لحظات الانتظار المريرة. صعب يا صديقي أن تكتشف فجأة أن كل لحظات الأمل في حياتك كانت مجرد حلم لا أكثر، صعب جدا انتظار ذلك الشيء الذي لا ولن يأتي، تنتظره رغم يقينك وعلمك أنه رحل للأبد وبلا عودة، صعب موت الأشياء، موت الابتسامات، موت الأماني والأحلام والآمال واصطدامها بقسوة الواقع وعذاب اللحظات، صعبة تلك الليالي التي تنام فيها وألف غصة تحيا في حلقك وألف دمعة تبحر في موج عينيك وحدك، تدرك مدى لوعتك وعذابك كلما اختليت بنفسك لتخلع قناع الابتسامة والضحكات بعيدا وتغرق في بحور وجعك وألمك وضياعك ووحدتك، لا أحد غيرك يشعر بذلك مهما كان قريبا منك، فالألم هو ألمك والحزن هو حزنك والواقع هو واقعك الأليم الذي لا فرار منه، صعب أن تودع آمالك وأحلامك وأمانيك كلها دفعة واحدة، كنت قد استودعتها في قلب واحد كان هو العمر بالنسبة لك، لكنه رحل ورحلت كل الأشياء برحيله، والرحيل يا صديقي لغة أخرى يعجز عن فك طلاسمها الآخرون، وحدي أعرف عمق وجعه ووحدي أقاوم لوعته كل مساء وأصارع حضوره حتى يقتلني النوم لأموت مؤقتا ريثما يأتي صباح آخر يبكي غيابك ويحن لصوتك ووجهك وابتسامتك التي رحلت مع أول دمعة سقطت من عيني بعد رحيلك. أعترف لكم، نعم صعب هذا الحديث المحمل بالشجن الصامت والمسكون بالحزن والمشحون بالدمع والمبحر في حكايات الوحدة والغربة والضياع، صعب أن تدفن حلمك المقتول بيديك مثل طفل مجهض رفض الحياة ورفض الاكتمال، صعب أن تعيش وروحك تحلق بعيدا عنك، تضيع في طرقات الليل وتبكي بلا دليل ثم تعود إليك مهزومة منكسرة لتستسلم لأحضان النعاس باكية.. فلا حلم قد يؤنس وحدتها ولا بارقة أمل قد تضيء دوامة عجزها ولا يوم آخر قد يتبدل فيه وجه الواقع لتبدأ من جديد.. نعم، إنه عذاب الانتظار ولوعة الانتظار وألم الانتظار، صعب هو الانتظار عندما تنتظر شيئا سيأتي فكيف هي إذن لحظات انتظار ما لا يأتي؟ إلهي، كن مع القلوب الوحيدة، تلك القلوب التي فقدت غاليا وبكت حتى مل منها البكاء، فرحيل الأحبة من أقسى أشكال الرحيل، إلهي، اغمر بنورك ورحمتك تلك القلوب المعذبة وألهمها صبرا جميلا تستطيع به مقاومة غربتها ووحدتها، فأنت أصل كل نور، وأنت العظيم برحمتك وغفرانك، إلهي، لا تدع في هذا الصباح لنا دعوة إلا وقد استجبتها، ولا ألما إلا قد شفيته يا أرحم الراحمين.