12 نوفمبر 2025

تسجيل

رجيم للفاكهة المحرمة

07 أغسطس 2011

في جلسة رائعة بدأت بعد انقضاء صلاة التراويح جمعت الأهل والمعارف ودارت فيها فناجين القهوة وأطباق الحلوى الرمضانية وأكواب الشاي بالزعفران، بدأت إحداهن في التحدث عن إحدى النساء وتتلذذ في عرض مشاكلها وأمورها الخاصة، وتنتقد تصرفاتها وسلوكياتها وبالتالي تلقى اللوم عليها وفيما وصل إليه حالها، وتتحدث عنها وكأنها تريد أن يشاركها الآخرين ما تقول، أو يزيدون عليه. وهي فرصة لها لتعرف الآراء في تلك السيدة ويبدأ المجلس في الخوض في سيرتها وأكل لحمها والتشفي منها، وكأنها عدو لهن وليست واحدة تربطها صلة قرابة وصداقة بهن!! ورغم أن إحداهن حاولت أن تغير الموضوع وتبعدهن عما كن فيه من الغيبة لتلك السيدة، وتدافع عنها، وبالتالي توقف الحديث، ولكنها عجزت عن ذلك، وبدا عليها الضيق والتأفف، ولكن لا من مستمع!! للأسف أن البعض خاصة في صنفنا من النساء، نتلذذ كل يوم، في أكل الفاكهة المحرمة علينا، والإصرار على وجودها في كل جلسة، الفاكهة التي حرمها الله عز وجل وجعلها وكأن الإنسان يأكل لحم أخيه ميتاً. لقد أصبحت تلك الفاكهة أساساً المجالس، وعندما نستنكر وجودها، نجد من يرد علينا قائلاً: إنها الحقيقة، فلماذا لا نقولها، قد تكون فعلاً هناك حقيقة في الكلام الذي نتحدث به، ولكن كيف نسمح لأنفسنا أن نخوض في سيرة من ليس بموجود بيننا وندعي أنها أخبار والكل يسمعها، وأن ما نقوله ليس هو تلك الفاكهة المسماة بالغيبة، وأن حديثنا مجرد ذكر لما حدث فقط، ونضع الأسباب التي تجعلنا نتحدث عن تلك السيدة، أو ذاك الرجل! ورغم أن شهر رمضان، جعله الله تعالى شهراً نصوم فيه عن كل ما حرمه الله عز وجل وفي نهاره نصوم عن كل حلال ونتحكم في ذواتنا من أجل أن نصل إلى غاية الصيام وما أن نفطر يعود كل ما كان حراماً علينا نهاراً، حلالاً علينا ليلاً، ولكن تلك الفاكهة تظل حراماً سواء كانت ليلاً أو نهاراً، وللأسف لا نحاول في هذا الشهر الكريم أن نبتعد عنها، ونجعلها من الفواكه المحرمة والممنوعة علينا ونحن نطبق أنواع "الرجيم" لكي نخفض أوزاننا، وتكون فرصة لأن نقلل من ذنوبنا في نبذ تلك الفاكهة الضارة التي قد تمحو كل الحسنات التي نبذل الجهد الكبير لاقتناصها، خاصة في شهر رمضان المبارك، ولكن في لحظة قد نخسر تلك الحسنات عندما نتذوق تلك الفاكهة ونتلذذ في تقطيعها وزخرفة أطباقها. إن الله عز وجل ورسوله قد حرم هذه الفاكهة، ورفض الخوض في أعراض الناس بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم). وقد يقول البعض إن قول الحقيقة ليست غيبة، ولكن نقول إن الله عزل وجل قال "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم"، وهذا يعني اننا قد نتحدث عن الظلم الذي وقع علينا من البعض، ونحاول أن نبعد عنا كل ما قد يسيء إلينا دون أن نجرح البعض أو ننشر فضائحه، بل يكون ذلك بالمعروف. فليس نشر أعراض الناس والخوض فيها حتى ولو كانت حقيقة أمراً مباحاً، لأن من يفعل ذلك سوف يحدث له نفس الشيء في يوم من الأيام، ومن هنا علينا ونحن في هذا الشهر، أن نتحكم في أنفسنا ونعودها تجنب أكل الفاكهة المحرمة في كل الأحوال، فالصوم فرصة للتعود على الصبر والتحكم في النفس والعودة إلى الله عز وجل والتوبة النصوح عسى الله أن يتوب علينا.