13 نوفمبر 2025

تسجيل

بين تركيا أتاتورك وأردوغان

07 يونيو 2013

قام أتاتورك بمعاونة من شياطين العالم وخاصة الصهاينة بسلخ تركيا عن دينها وتاريخها وحضارتها وقيادتها سنة 1923م، حتى وصلت إلى مستنقع اقتصادي دنيء جعلها تستجدي وتستدين من دول العالم، وتعيش عالة على القروض والمساعدات، فاستلمها أردوغان وعليها 23 مليارا من الدولارات، ودخْل الفرد لم يزد في العام على ثلاثة آلاف دولار، فصعد بها أردوغان لكي تكون الدولة الثامنة في العالم اقتصاديا، وتخلص تماما من ديونها المرهقة المذلة، فالدين هم في الليل وذل في النهار، وجعلها في الصدارة "الثامنة" من دول العالم اقتصاديا، حيث زاد الرصيد الاحتياطي في البنك المركزي على 130 مليارا، بعد أن كان 27 مليارا فقط عام 2002م، ووصل دخل الفرد في المتوسط إلى أحد عشر ألف دولار، وانتقل حجم التجارة من 250 مليارا سنة 2002م إلى 900 مليار دولار الآن؛ في مشوار من الإرادة والتحدي والعمل الدءوب من أجل تركيا المسلمة، لقد أنهى كمال أتاتورك الخلافة العثمانية التي رفض قائدها السلطان عبد الحميد وعد بلفور وضغوط الصهاينة أن يسمح بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين قائلا: "إن أرض فلسطين أرض وقف لا يجوز لأحد أن يتنازل عن شبر منها"، فلما هُدد قال: "لن أتنازل عن شبر من أرض فلسطين حتى لو خسرت كرسي الخلافة وقطعت إربا"، واستُعمل أتاتورك لهدم الخلافة، وتحطيم التاريخ، وتحول المسار من الحضارة الإسلامية إلى الحضارة الطورانية، ومن عبادة الله إلى عبادة الدب الأبيض، ومن ساحات المساجد إلى حانات الخمور، فسعى إلى تغيير الشكل والمضمون لتركيا، حيث مَنع الأذان والقرآن والسنة والمدارس الدينية وألغى المحاكم الشرعية، ومَنع لبس الطربوش والعمامة، وروَّج للباس الغربي، وألغى الألقاب الدينية، وتبنى التقويم الدولي، وكتب قوانين مستوحاة من الدستور السويسري، وفي عام 1928م ألغى استخدام الحرف العربي في الكتابة، وأمر باستخدام الحرف اللاتيني في محاولة لقطع ارتباط تركيا بالشرق والعالم الإسلامي، وقد سار في هذا المشوار من الضلال إلى الدرجة التي سمعت فيها أذناي ورأت عيناي لأول مرة رجب الطيب أردوغان في سنة 1992م في مدينة إسطنبول وكان يومئذ يسعى إلى أن يكون عمدة إسطنبول، حيث قال الطيب أردوغان: "عندما نصل إلى الحكم لن نطبق الشريعة الإسلامية فأثار اندهاش كل الحاضرين في المؤتمر، وكانت الإجابة أكثر اندهاشا، وأوسع نظرا، وأعمق حكمة، حيث قال يومها إن النظام العلماني قد خلف في إسطنبول وحدها 300 ألف امرأة مسلمة عندها ترخيص رسمي من الحكومة بممارسة الدعارة والزنا، ولها ملف في هيئة الضرائب، لقد قال: لقد أعددنا عددا كبيرا من الداعيات المسلمات لإقناعهن بترك الرذيلة، وأقنعنا رجال الأعمال بقبولهن في الوظائف حتى لا يضطرها الفقر إلى الزنا، وألقى قنبلة أخرى فقال: عندما قام حزبنا بدأنا باستبيان على مُصلِّي الجمعة وليس لمرتادي الفنادق: هل تريدون إعادة تطبيق الشريعة الإسلامية في تركيا، فكانت الإجابة من مصلي الجمعة بنسبة 95 % لا نريد تطبيق الشريعة بسبب التشويه الإعلامي والتعليمي لتاريخ وأصالة تركيا الإسلامية، يقول: عندما نحكم سنجعل الناس يطالبوننا بتطبيق الشريعة، ولن نفرضها عليهم، لقد صارت تركيا في منهج أتاتورك أن تتجرد من ثيابها وعفتها مكرمة، وممن تتشبث بحجابها وعفتها مجرمة، فسجنت وفصلت طالبات ومدرسات من المدارس والجامعات فقط لارتداء الحجاب، حتى جاء أردوغان يناقش الأمر من باب الحرية الشخصية، فعاد الشعب التركي فيما يزيد على 65% الآن إلى الحجاب، ونظفت المدن التركية من كثير من هذا العهر الذي أدخلته علمانية أتاتورك، ومحته إسلامية أردوغان وحزبه.  لقد زرت تركيا أكثر من عشرين مرة، وكانت في ظل علمنة أتاتورك قذرة بالقمامة التي تفاجئك أحجامها في أفخم الأماكن السياحية، فضلا عن غيرها، وكانت تنقطع المياه والكهرباء في أفخم الفنادق، فضلا عن البيوتات، ولم يكن أحد يجرؤ في ظل النظام العسكري الأتاتوركي أن ينبس ببنت شفة، ولا أن يتكلم بكلمة، على حين إذا أراد أردوغان أن يستعيد ما هدمه أتاتورك من معالم إسلامية ومساجد ربانية، فإذا بفلول العلمانيين وأصابع الصهيوأمريكان بنفس الأسلوب الذي يحركون به أذنابهم ضد الثورات العربية فيجمعون الناس، ولا حرج في المظاهرات السلمية، لكن إذا لبس بعضهم الأقنعة تماما مثل "البلاك لوك" والبلطجية في مصر، والشبيحة في سوريا، والبلاطجة في اليمن، والعصابات المسلحة في ليبيا وتونس، فلابد من القوة في مواجهة إرهابهم لا مظاهراتهم، ولا توجد دولة في العالم ترى الحناجر قد تحولت إلى خناجر، والكلمات إلى رصاصات، والزئير إلى النيران والنفير، ثم تقف تتفرج على الخراب والدمار والقتل والإرهاب.  إنه مصنع واحد من عدو لدود يسعى إلى تفخيخ المجتمعات إذا فكرت أن يكون الإسلام هو النظام العام وهؤلاء يتناسون أنه من يغالب الله يُغلب، وأن الله تعالى كما قال سبحانه: "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (يوسف: من الآية21)، وأنه تعالى كما قال: "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة: 257)، أما الذين يخافون ويشيعون الذعر والخوف من أسلمة تركيا – عودة إلى الأصل – فأقول ما قاله تعالى: "إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (آل عمران: 175)، وقد ازداد يقيني بأن تركيا سوف تكون مع مصر عملاقين في قيادة الأمة الإسلامية بعد الزيارة التي تمت إلى أنقرة وإسطنبول منذ عشرة أيام بدعوة من نائب رئيس الوزراء التركي أ. بكير دوزداغ، والمدير العام للمديرية العامة للمؤسسات الوقفية أ.د. محمد أكوس، و د.سيردار كام رئيس الوكالة التركية للتعاون والتنسيق التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، وزرنا مؤسسة وقف الخيرات، والمؤسسة التي أدارت قافلة الحرية "مرمرة"، والمعهد الثقافي للتاريخ والفنون، ومكتبات ومؤسسات تحقيق المخطوطات وبعض الجامعات، ووجدت أكبر إنجاز حصل في تركيا ليس فقط في البنيان وإنما في الإنسان، حيث وجدت شبابا يقودون الدولة ومؤسساتها الكبرى بقلوب امتلأت بالإيمان بالله، واليقين بنصر الله، والعزم على نفع عباد الله في تركيا وفي أكثر من 200 دولة في العالم تمتد المشاريع الوقفية الإسلامية الإغاثية، ليس للمسلمين فقط، وإنما للمحتاجين في العالم.