15 نوفمبر 2025
تسجيلمرةً أخرى، تتحدثُ بلادُنا لغةَ الـمَدنيَّـةِ والتَّحَضُّرِ والإنسانيةِ، وتخاطبُ العالَمَ كدولةٍ تنضبطُ شؤونُها بالدستورِ والقانونِ، وتُدارُ بالـمؤسساتِ، وتنفصلُ فيها السلطاتُ التشريعيةُ والقضائيةُ والتنفيذيةُ، لكنها تتكاملُ في أداءِ مهامِها خدمةً للإنسانِ الـمواطنِ وأشقائِـهِ العربِ، وأخوتِـهِ في الإنسانيةِ الـمُقيمينَ في وطنِـنا مشاركينَ في بناءِ نهضتِـهِ. ويأتي انعقادُ مؤتمرِ حقوقِ الإنسانِ، في نسختِهِ الثانيةِ، كمؤشِّـرٍ على انتقالِـنا إلى مرحلةٍ جديدةٍ تُرَسِّـخُ أُسَسَ الـمجتمعِ الـمَدَنيِّ في ظلِّ قيادةٍ حكيمةٍ تستشرفُ الـمستقبلَ، وتؤمنُ بجدارةِ شعبِـها وكفاءتِـهِ في رَسْـمِ ملامحِ الغدِ الـمُشرقِ.عَقْـدُ الـمؤتمرِ، حلقةٌ في سلسلةٍ طويلةٍ من الإنجازاتِ الـمُـؤَكِّـدةِ على سياسةِ الشفافيةِ والأخْـذِ بالانتقاداتِ بروحٍ عاليةٍ من التقديرِ والاحترامِ، وأنَّنا لا نخشى شيئاً يُسيءُ إلينا فنُخْفِـيهِ، وإنَّما نتداركُ مواضعَ الخللِ بالإصلاحاتِ القائمةِ على تخطيطٍ نحرصُ فيه على الروحِ الإنسانيةِ في تشريعاتِنا، ونؤكدُ من خلالِـهِ أنَّ الإنسانَ قيمةٌ عظمى في وطنِ الإنسانِ. و كمْ رائعٌ أنْ تُشاركَ في الـمؤتمرِ منظماتٌ دوليةٌ عدَّةٌ، وتُساهمُ في جلساتِـهِ شخصياتٌ قانونيةٌ وحقوقيةٌ لها مكانتُها على مستوى العالَمِ، وتمتلكُ تأثيراً في مراكزِ صُنْعِ القرارِ لا يُستهانُ بِـهِ. فهذا يعكسُ الصورةَ الحقيقيةَ عن بلادِنا، دولةً ومجتمعاً وإنساناً، والتي تمتليءُ بالتفاصيلِ الرائعةِ، وتزهو بألوانٍ من القبولِ بالآخرِ واحترامِـهِ، وتتنفسُ هواءَ التسامُحِ والأخلاقِ القويمةِ النابعةِ من إسلامِنا الحنيفِ وعروبتِـنا وانتمائنا الإنسانيِّ.نعم، توجدُ مواضعُ خَلَلٍ في تطبيقِ القوانينِ العُمَّاليةِ، ولكننا نؤمنُ بوجوبِ مناقشتِها عَلانيةً لنضمَنَ الخلاصَ منها في مسيرتِـنا، دولةً ومجتمعاً، وهو ما نفعلُـهُ من خلالِ الـمُؤتمرِ بعدما طَرَحَتْها صحافتُنا ووسائلُ إعلامِـنا كقضايا وطنيةٍ عُليا. ولو عُدْنا إلى كَـمِّ الـمقالاتِ والأخبارِ الـمُتَعَلِّـقةِ بها خلال الفترةِ بين انعقادِ الـمؤتمر بنسختِـهِ الأولى وانعقادِهِ بنسختِـهِ الثانيةِ، فإنَّنا سندركُ حجمَ الشعورِ بالـمسؤوليةِ الاجتماعيةِ في بُعدها الإنساني في وعينا الوطنيِّ، وسنلمسُ ضخامةَ الجهودِ الـمَبذولةِ من الدولةِ بأجهزتِها الرسميةِ، والـمجتمعِ بمؤسساتِـهِ وهيئاتِـهِ الـمَدَنيةِ في سبيلِ تحقيقِ العدالةِ عبرَ توعيةٍ هادفةٍ، واستناداً إلى قوانينَ ضابطةٍ تجعلانِ من القبولِ بالتغييرِ الإيجابيِّ في البُنَـى الفكريةِ والسلوكيةِ أمراً محمياً بالوعيِ والقانونِ.نتمنى على مُنَظِّـميِّ الـمؤتمرِ استضافةَ قانونيينَ وكُتَّاب وأدباءَ وأكاديميينَ وفنانينَ مواطنينَ، ليشاركوا في مناقشةِ الـمواضيعِ الـمطروحةِ بروحِـهِـم الوطنيةِ الـمُدركةِ لأهميةِ الكلمةِ الصادقةِ في التأثيرِ إيجاباً في الإعلامِ الخارجيِّ والـمنظماتِ الدَّوليةِ والشعوبِ. فاستضافتُهُم ستُلقي الضوءَ على العنصرِ البشريِّ الحيِّ الـمُتَحَضِّرِ في مجتمعِـنا، وستفتحُ البابَ أمامَهم ليُسْتَضافوا في مؤتمراتٍ دوليةٍ يتحدثونَ فيها باسمِ الإنسانِ القطريِّ وشقيقِـهِ العربيِّ، فيكونونَ خيرَ مُمَثِّلٍ لبلادِنا خارجياً.كما نأمَلُ أنْ يُترجَمَ الكتابُ الأبيضُ إلى الُّلغاتِ الحيةِ، ولغاتِ الشعوبِ التي تتشرَّفُ بلادُنا بمشاركةِ أبنائِها في البناءِ والتنميةِ، وتوزيعُ النُّسَخِ مجاناً من خلالِ سفاراتِنا، وإرسالُ نُسخٍ إلى الـمنظماتِ الـمَعنيةِ بحقوق الإنسانِ والعمالِ في العالَمِ، ليكونَ ذلك تعريفاً بما تقومُ به بلادُنا على كلِّ الصُّعُدِ كوطنٍ للإنسانِ.الجهدُ الضَّخمُ والرائعُ الذي قامتْ به دارُ الشرقِ في انعقادِ الـمؤتمرِ، هو مَلْـمَحٌ آخرُ يُبرزُ الدورَ الوطنيَّ لصحافتِنا، والتزامَها بقضايا الإنسانِ، ويُظْـهِرُ الـمدى الذي بلغناهُ في مسيرتِـنا نحو الديمقراطيةِ بقيادةِ سموِّ الأميرِ الـمُفدى، فلدارِ الشرقِ تحيةٌ وتقديرٌ خالصانِ.