15 نوفمبر 2025
تسجيلحينَ يُقالُ إنَّ الأنديةَ الرياضيةَ تواجهُ أزمةً ماليةً بسببِ الديونِ، فهذا نصفُ الحقيقةِ، وفيه تأجيلٌ لـمواجهةِ الواقعِ كما هو وليس كما نتمنى أنْ يكونَ. ولذلك، ينبغي أنْ نكونَ واضحينَ فنناقشُ القضيةَ في نقاط، ونبدأُ بالأسبابِ، كالتالي:(1) عدمُ الكفاءةِ الإداريةِ: وهو السببُ الرئيسُ لكلِّ الأزماتِ التي تُعاني الأنديةُ منها. لأنَّ معظمَ الإداراتِ لا تقومُ إلا بإدارةِ الأزماتِ، بمعنى أنَّها تعترفُ بوجودِها، لكنها لا تملك رؤى، ولا تضعُ خططاً لتجاوزِها. فنحنُ نلاحظُ أنَّها تنفي التقصيرَ عنها، وتُبرِّرُ فشلَها بأخطاءِ الإداراتِ السابقةِ التي وَرَّثَتْها مشكلاتٍ ضخمةً. حَسَنٌ، سنقبلُ بما تقولُ، لكننا سنسألُها بدورِنا: لمَ سَعَتْ للتَّرشُّحِ ما دامتْ تدركُ أنها لن تستطيعَ القيامَ بشيءٍ لتعديلِ الـمَسارِ؟، أم أنَّ الأمرَ بالنسبةِ إليها هو احتفالياتٌ إعلاميةٌ؟.(2) الشعورُ بأبوَّةِ الجهات الرسمية: أي تعاملُ الإداراتِ مع وزارةِ الشبابِ والرياضةِ، واللجنةِ الأولـمبيةِ، والاتحاداتِ الرياضيةِ، وكأنَّها الآباءُ الذين مفروضٌ عليهم تخليصُ الأبناءِ، أي الأندية، من تَبعاتِ أخطائهم وقُصورِهِم. وهذا جانبٌ يُشيرُ إلى أنَّ الأزماتِ الـماليةِ حتى لو تَـمَّ حَلُّـها بتدخُّلِ تلك الجهاتِ فستعودُ للظهورِ في وقتٍ قريبٍ، وستتضخَّمُ من جديدٍ لنعودَ إلى الـمربعِ الأولِ.(3) هروبُ الـمُمَوِّلينَ: فالأنديةُ، ومنها الكبيرةُ تاريخاً وجماهيراً، كانَ لها مُمَوِّلونَ منْ أبنائها ذوي الـمكانةِ الاجتماعيةِ والـماديةِ، إلا أنَّهم نأوا بأنفسِهِم عنها عندما وجدوا أنَّ الإداراتِ لا تستطيعُ تقديمَ جديدٍ يُصَوِّبَ مسارَها ويُمَكِّنُها منْ تحقيقِ إنجازاتٍ تُعيدُها إلى الواجهةِ.أما بعضُ الحلولُ الـمُقترحةِ التي نراها مناسبةً، فتتمثلُ في التالي:(1) يجب على رؤساءِ إداراتِ الأنديةِ، بصفتِـهِم الاعتباريةِ، أنْ يخرجوا من ظلالِ الـماضي حين كانَ تكوينُ الإداراتِ خاضعاً لضخامةِ الأسماءِ، وللعلاقاتِ الشخصيةِ. فعليهم البدءُ في تكوينِ إداراتٍ تكنوقراطيةٍ تضمُّ الـمُختصينَ ذوي الخبرةِ والكفاءةِ والأهليةِ. فهل يوجدُ في الإداراتِ الحاليةِ أشخاصٌ قادرونَ على وَضْعِ خططٍ لجدولةِ الديونِ، وإطالةِ فتراتِ تسديدِها لـمستحقيها؟. أو يستطيعون إعدادَ موازنةٍ تتناسبُ مع أوضاعِ الأنديةِ الـماليةِ؟. أو بإمكانِـهِم إقناعُ الـمُمَوِّلين بجديةِ ما يقومونَ به لإخراجِ النادي من أزماتِـهِ. والأهمُّ من ذلك كلِّـهِ، أنْ يُخصصوا جزءاً من الـموازنةِ ودَعْـمِ الـمُموِّلينَ لشراءِ عقاراتٍ باسم النادي لاستغلالِها تجارياً في دَعْمِ أنشطتِـهِ، أو شراءِ أسهمَ باسمِـهِ، أو الإسهامُ في أنشطةٍ تجاريةٍ مربحةٍ ذات مخاطرَ صغيرةٍ؟. الجوابُ: لا يوجدُ هؤلاءِ الأشخاصُ، لأنَّ غبارَ قافلةِ التخبطاتِ الإداريةِ يملأُ الصورةَ كلَّها، ويمنعُ الجميعَ من الرؤيةِ.(2) على إدارة كلِّ نادي رياضيٍّ إعدادُ خطةِ عملٍ واضحةٍ مُفصَّلَةٍ للسنواتِ الخمسِ القادماتِ بشأنِ إدارةِ شؤونِـهِ الـماليةِ، وتقديمِها لوزارةِ الشبابِ والرياضةِ واللجنةِ الأولـمبيةِ، بحيثُ يُرتَـكَـزُ عليها في رَفْـعِ اقتراحٍ لـمجلسِ الشورى حتى يتمَّ بَحْثُ إمكانِ تضمينِ الـموازنةِ العامةِ للدولةِ بنداً لدَّعمِ الأنديةِ. أما التباكي على أطلالِ الإداراتِ السابقاتِ، والنواح بسبب ما يتمُّ دفعُـهُ للاعبينَ الـمحترفينَ، فلن يكونَ لهما تأثيرٌ.