09 نوفمبر 2025
تسجيلبيان هام: تناقلت وسائل الاتصال الاجتماعي مقالة نسبت إليَّ عن حادثة انفجار مطعم في قطر وتفجيرات البحرين الأخيرة التي أودت بعدد من الجنود والأفراد. إنني أستنكر وأشجب كل ما كتب ونسب إليَّ في تلك الأحداث وأنها ليست المرة الأولى التي تنسب إليَّ مقالات لست كاتبها وليست لغتي ولا توجهاتي السياسية، كتب عني مدحا لبشار الأسد، وكذبته، وكتب عني مقالات عن أم المؤمنين عائشة رض الله عنها وكذبتها واليوم يقومون بهذه الجريمة الفاضحة ولهذا جرى البيان والتبيين واللعنة على الكاذبين مروجي الفتن والنميمة السياسية.(2) كنت في مسقط عمان بدعوة من النادي الثقافي العماني لإلقاء محاضرة في قاعة المحاضرات بمعرض الكتاب بعنوان "قراءة في تحولات المشهد الخليجي الراهن" وقلت في بداية حديثي إن التحدي الأكبر الذي يواجهنا في هذا القرن هو الإدارة في جميع مجالاتها وكنت أعني من بين ما أعني في هذا السياق قدرة قادة دول مجلس التعاون على إدارة الأزمات التي تحدق بهم من كل اتجاه داخليا وخارجيا. ورحت أفند ضعف هذه الدول رغم كل إمكاناتها المادية والإعلامية وسعة مجالها الحيوي، وتحدثت مطولا عن الضعف والقوة مستعينا ببيانات إحصائية لا يدخلها الشك ولا يمكن تكذيبها، وكنت توقعت بانشقاق المجلس إلى مجلسين أو أكثر قبل حدوث الانشقاق، ودار حوار طويل بين المحاضر والجمهور، رجال دولة في الصف الأول من المسؤولية ورجال علم وقلم وجمهور عريض لم تتسع القاعة بهم.(3) في صباح اليوم الثاني الموافق 5 / 3 انتشرت أخبار سحب سفراء السعودية والبحرين والإمارات من دولة قطر وعند الظهيرة انتشر بيان مجلس وزراء دولة قطر في أوساط رواد المعرض المكتظ بجمهور غفير.كانت حوارات وأحاديث رواد المعرض ماذا حدث في دول مجلس التعاون وراحوا يستعيدون ما قلته بالأمس في شأن المجلس وقياداته المختلفة رغم دعوتهم للاتحاد ورفض عمان لتلك الفكرة، وترحيب البحرين بها، وتحفظ الكويت عليها وتأييد قطر لها، أي لفكرة الاتحاد، واليوم ينقسمون إلى فريقين متضادين بشأن مسألة خارجية لا علاقة لها بأمن دول مجلس التعاون الخليجي، وتجري على الساحة العربية جهود دبلوماسية لاستقطاب دول إلى جانب الانسحاب الدبلوماسي من قطر.(4) بكل أمانة علمية وأخلاقية أقول ممكن لوسائل الإعلام أن تبالغ في خبر ما أو تورد خبرا كاذبا بصياغة توحي لك بصدق القول، لكن لا يمكن لعاقل توقع أن يصدر بيان رسمي موقع باسم ثلاثة وزراء خارجية كبار لهم من المكانة والسمو والخبرة ما يحفظهم من القول بما لا يملكون توثيقا ماديا محققا لما يقولون وليس اعتمادا على تقارير صحافية أو رجال مخابرات بدرجة مخبرين، وأن بيانهم لن يصدر إلا بعد مشورة خبراء في الصياغة السياسية والقانونية. الوثيقة التي يدعون أنها "تعهد" من سمو أمير دولة قطر وقعها أمام الملك عبدالله آل سعود بشهادة الشيخ صباح شفاه الله من كل داء بتنفيذ كل ما يريده الربيع، والحقيقة الدامغة بعدم صحة ما قيل حول وثيقة التعهد ورد بيانها في البيان الوزاري للدول الثلاث، السعودية والكويت والبحرين، تقول الوثيقة: "الوثيقة الموقعة في الرياض بتاريخ 23 نوفمبر 2013 بحضور الشيخ صباح أمير دولة الكويت، وقعتها كل دول المجلس" وليس قطر مطلوبا منها التوقيع بمفردها ولا تتضمن نصوص تلك الاتفاقية كلمة "تعهد".لقد جاء في الوثيقة المعنية "ألا تدعم دول مجلس التعاون كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي وعدم دعم الإعلام المعادي.. الخ"، ما أطلبه من أهل الرأي والعاملين بالقلم إخلاصا وأمانة ومن يعمل بالقلم ارتزاقا وتزلفا أن نقف جميعا لنفكك النص الوارد في الوثيقة المشار إليها؛ تقول: "العمل على عدم تدعيم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس" أليست إيران متهمة بأنها تعمل على زعزعة استقرار دول المجلس، خاصة البحرين، والكويت، وهل نفذت بعض دول مجلس التعاون الحذر الاقتصادي المفروض على إيران من قبل الأمم المتحدة، وتحتل جزر الإمارات فهل تجرأ أحد منهم بإدانتها وامتنعت قطر عن ذلك؟، هل سحبت البحرين سفيرها من طهران احتجاجا على تدخلاتها كما تورد بيانات حكومة البحرين؟، وهل دعت الدول المعنية مجتمعة على مقاطعة إيران وامتنعت قطر؟ الجواب، لا. وقس على ذلك. "دعم الإعلام المعادي" يوجد أكثر من 35 محطة تليفزيون وأكثر من أربعين جريدة يومية وأسبوعية تنهش في دولة قطر وهي ممولة بأموال حكومية رسمية من دول خليجية فهل أحد توقف عن دعم تلك الوسائل الإعلامية؟ وهل طلبت دولة قطر من الدول الممولة لها بعدم التمويل؟ الجواب لا. "محاولة التأثير السياسي التي وردة في الوثيقة آنفة الذكر"، الشعب العربي لم يعد في حاجة إلى التحريض السياسي عبر وسائل الإعلام وكذلك مواطنو دول مجلس التعاون، الحقائق واضحة وضوح الشمس، المواطنون يرفضون الفساد والاستبداد السياسي، والمالي، والظلم، والإذلال المباشر وغير المباشر كما يطالبون بحقوقهم في الحرية والمساواة ونزاهة القضاء والكرامة والمشاركة السياسية، ما أقصده أن الناس لم يعودوا في حاجة إلى تحريض إذاعة أو تليفزيون أو جريدة، وسائل الاتصال الاجتماعي طغت على كل وسائل الإعلام الرسمية.. ورد في وثيقة المجلس الموقعة من قبل الستة الميامين "عدم دعم منظمات أو أفراد" هل قطر دعمت منظمة أو أفرادا يعملون للمساس بأمن دول المجلس؟ أشك في ذلك، وإن كنتم صادقين فأتوا ببرهانكم.(5) والحق أن دول مجلس التعاون ليس لهم سياسة خارجية واحدة واتفاقياتهم الأمنية الخارجية مرتبطة بإستراتيجية أمنية خارجية، أما السياسة الأمنية الداخلية فهي منصبة على ملاحقة المواطن الخليجي والشك في ولائه وانتمائه، إنه ملاحق في كل دول المنطقة وليس الهدف أمن البلاد والعباد بقدر ما هو أمن السلطة والسلطان. والعاقل منهم الذي لن أسكت عن ترديد اسمه بالثناء والتقدير هو جلالة السلطان قابوس سلطان عمان الذي استجاب لمطالب مواطنيه في ربيع عمان، ولم يكابر أو يشيح بوجهه عن مطالب المواطنين كما فعل بعض حكام الخليج. (6) إن سحب السفراء من الدوحة هو استعداء القيادة السياسية القطرية الأمر الذي قد يدفع بها إلى مواقف تندم تلك الدول على استعدائها ومعاداة الشعب القطري، لأن الشعب القطري ملتف حول قيادته ولا يقبل المساس بدولته وقيادته أو تحريض دول أخرى على بلادهم. إنه لا وجود، لا أحزاب، ولا منظمات سياسية قطرية مناهضة للنظام السياسي، القيادة السياسية تقف على أرض صلبة جبهة داخلية متماسكة، ونظام يعمل لإسعاد شعبه وتطوير مؤسساته والبنية التحتية تفاخر بها الأمم.