11 نوفمبر 2025

تسجيل

إفلاس النظام العالمي الأطلسي وأفول الغرب؟

07 فبراير 2017

أكبر قضية مطروحة اليوم سنة 2017 في العالم هي نهاية النظام العالمي الراهن المسمى بالأطلسي أي الذي نشأ بعد انتصار الحلفاء على النازية سنة 1945 وإعادة رسم خرائط الأمم على أساس خدمة مصالح الغرب لا غير وجاءت بعد ذلك حركات تحرير الشعوب من الاستعمار ودق مؤتمر باندونج عام 1955 ناقوس يقظة الدول المستقلة بإنشاء منظمة عدم الانحياز. ثم عادت الصين إلى احتلال مركزها الرئيسي في توجيه دفة العلاقات الدولية باقتراح منظومة (طريق الحرير) وتبعتها روسيا بالعودة إلى امبراطورية القياصرة وجاء انتخاب دونالد ترامب معلنا لتغيير جوهري في المنظومة الأطلسية بالاقتراب من موسكو وقول ترامب بأن الحلف الأطلسي هيكل عفاعليه الزمن. العرب وحدهم ظلوا يعانون مصائبهم القومية من العراق إلى سوريا إلى اليمن إلى ليبيا ولم يدركوا هذا التحول العميق القادم على لعبة الأمم. صدرت هذه الأيام كتب لشخصيات فرنسية وأمريكية منها كتاب (تحدي الحضارة) للوزير الفرنسي الأسبق جون بيار شوفينمون وكتاب (مذكرات السلام في زمن الحرب) لرئيس الحكومة الفرنسية الأسبق دومينيك دوفيلبان و كتاب (عدالة) للمفكر الأمريكي مايكل ساندل الملقب بأرسطو هارفارد وهي جميعا تشكل صرخة فزع حيث طرحت السؤال التالي: "هل نحن نعيش مرحلة سقوط الغرب؟" ثم تجيب جميعها بالقول: "إذا ما ثبت أن الغرب ينهار فإن ذلك من صنيعنا نحن لأننا جمعنا بين الجشع والغباء! ويضيف أغلب الكتاب بمرارة "إن أزمة النظام النقدي الغربي التي تهز مجتمعاتنا هذه الأيام أخطر من أزمة 1929 لأننا اليوم مهددون بأن يحل لاعبون دوليون آخرون محلنا ويعوضوننا في تصريف شؤون الدنيا أمثال الصين وروسيا. نعم. هذا ما يدور بخلد حكماء الغرب وهم يرون كيف تخون الرأسمالية نفسها وتقوض بنيانها من الأساس بإعلان عودة قوية للدولة تتدخل لإنقاذ مؤسسات مالية خاصة وأحيانا تؤممها بمبالغ مالية خيالية مأخوذة عنوة من الخزينة العامة أي من أموال الضرائب ومن إيداعات المواطنين. هذه هي التحولات الفكرية والسياسية والاستراتيجية التي تشكل قلب الغرب النابض والتي تعتبر المؤتمنة العتيدة على الخيار الرأسمالي الليبرالي وحرية الأسواق بعد القضاء الأيديولوجي على العدو الشيوعي المتربص بل وإقحامه هو الآخر في دوامة الرأسمالية كشريك للغرب! وهنا لابد أن أرفع التباسا ربما يشتبه على القارىء العربي لأقول أنني أنقل أفكار مفكري الغرب وهواجسهم الصادرة هذه الأيام في كتب تباع بكثرة وتهتم بها وسائل الإعلام ولست أنا الذي يتهم الغرب من منظوري العربي المنحاز. لكن حركة نشيطة من المراجعات بدأت تخترق الفضاءات الفكرية والسياسية للغرب تؤطرها العقيدة الديمقراطية و احترام الرأي المخالف والخضوع في النهاية للأغلبية. وأبرز هؤلاء المفكرين الذي أنذر الغرب بأنه ينهار نجد (جوريف ستيجليتز ) أستاذ الاقتصاد في جامعة كولمبيا الحاصل على نوبل للاقتصاد عام 2001 و المدير المساعد للبنك الدولي ومستشار الرئيس كلنتن وقد أصدر كتبا عديدة منها ( الوهم الكبير) و(حين تفقد الرأسمالية عقلها) لينبه الغرب المغرور بأنه أشد هشاشة مما يتصور وبأن التفوق العسكري والتكنولوجي لا يضمن الرفاه الأبدي للغرب في ظل نظام رأسمالي جائر يستعبد أمم الأرض ويدوس على الحق والقانون. ومن جهة أخرى صدر كتاب الرئيس السابق للمركز الوطني للبحوث والدراسات الحكومي الفرنسي العالم ( أندريه لوبوه ) بعنوان: ( انغلاق الكون) وهو يتهم الغرب بتبديد طاقات الأرض وممارسة التخمة و تلويث المحيط و تدمير الطبيعة بتعلة تطويعها لخدمة مصالحه الضيقة و استعباد الشعوب المختلفة عنه تحت ستار العولمة المزيفة، لينتهي العالم الفرنسي إلى نتيجة يسميها الإسراع نحو الكارثة.