05 نوفمبر 2025

تسجيل

هل أصبحت مجالس العزاء منصات لقاء وتواصل؟!

06 أغسطس 2018

أصبحنا في عالم غريب وحزين في آن واحد، حيث بات البعض فيه يركض وراء المظاهر والاتيكيت والتباهي حتى في مراسم العزاء بل أسوأ لحظة ..الوفاة نفسها! لم ولن أتمكن من تقبل ما يحدث، كيف لي أن أرى قريبا وعزيزا على قلبي يغطى وجهه وأنا أسرع بتحويل صورة البروفيل إلى ( إنا لله و إنا إليه راجعون) أو نقل الخبر أو كتابة الخبر بأسلوب راق وواضح وبدون أخطاء إملائية ( انتقل إلى رحمة الله....)!  أين ذلك القلب الذي ينهمر دمعا على فراق عزيز، أين ذهبت النفس التي باتت لا تستوعب فراق هذا الحبيب، أين الصيحة وألم الفراق والبكاء وارتماء في أحضان بعضنا ألما والحزن يعتصر قلوبنا، باتت الأمور جل عظيمة أن ماتت مع الأموات الكثير من مظاهر الأحزان والانسياق وراء الفقد بالبكاء والحرقة حتى يقوم الأعقل بالصراخ على النسوة أو الشباب وغيرهم من هم في فاجعة حقيقية بإسكاتهم وأحيانا باللجوء للصفع لإفاقتهم... هذا هو الحزن بالفطرة على من نحب والآن لا يوجد وصف عما يحدث، بكاء ودموع واحتضان ومن ثم ( شفتو وين الجوال- أنا متأكدة كان جنب الغالي الله يرحمه أو الغالية الله يرحمها قبل ما يأخذوها) والأسوأ (طرشتو مسجات للناس) دخلت بيتا للعزاء والله لم يكن إلا اليوم الثاني ولم يكونوا جاهزين لاستقبال المعزين، فبين كل كلمة وأخرى ( السموحة ما قدرنا نجهز لكم قدركم) وفي اليوم الثالث وضعت المصاحف وصفت الكراسي وجيء بالطعام وغيره مما تحتاجه هذه المناسبات، مقارنة بالبعض تم تجهيز العزاء بالكامل من كراسي والاتفاق مع سيدات الضيافة على الانستجرام والاسناب الذي أراه أسوأ وسيلة للتواصل ( شوفوني وأنا أصيح على فلان ) والرد ( عيونج حبيبتي انتفخت اخترب البروتوكس - لا تكشرين علشان التجاعيد) ... ماذا يمكن أن يقال..البعض نسي وتناسى أن الحزن يعمي العقل والقلب معا، فقد عزيز لا يعني تجميد المشاعر وتتويج العزاء بأفضل الترتيبات، البعض حزنه ديكور مرسوم على صفحات التواصل وصورة في البروفيل أو توقيع في الفيسبوك أو تحميل صور الحزن على الانستجرام، فضلا عن ضرورة كتابة نعي للميت، مما يكلف أهل المتوفي ليعانوا الأمرين ماديا ومعنويا وهم من ينطبق عليهم مقولة (موت وخراب ديار!).. ومن جهة أخرى من ينظر من نافذة الرجال لا يدري أيبكي أم يضحك فقد أصبحت التعازي مكاناً للتجمع والأكل يشبه تجمعات الأفراح والبعض يهرج (عند أي ميت بتروحون- جاي معاكم) أصبح نداء للرفقة وتجدد التباعد واجتماع وسوالف ووووو... رحماك يا رب ( في أي كوكب أنا)، رأيت مرة من وضعت كلمات دعاء لأبيها تطلب أن يدعو له بالرحمة ولها بالصبر، هل بتنا نستجدي الدعوة من غريب والقريب ينظر وينتظر، ينظر بلا دمعة في عينه سواء على الميت أو أقارب الميت ومن جهة ينتظر متى ينتهي العزاء ليركض لحفلاته وينهي أعماله. نعم لوسائل التواصل، ونعم للعقل والهدوء، وأكبر نعم لتقدير الضيف ولكن الأهم تقدير أهل المتوفي فلا يجب تحميلهم ما لا طاقة لهم به، فوق ما فقدوه من عزيز إلى الأبد وطالهم من شجن وحزن وألم نزيد عليهم (ممكن أصورج فلانة تبي تشوفج)، الألم ليس صورة نرسلها بالواتس وليس صمتا نجلس بدون دمع خوفا على المكياج أو ليال نمكثها بالجمعة والحكايات، أفيقو الموت درس وعاقبة لكل واحد فهلا اتعظنا ممن سبقنا.. أقصد أمامنا ملتف بالبياض.. رحم الله أمواتنا وأموات المسلمين (اللهمّ ارحمنا إذا قُمنا للسّؤال، وخاننا المقال، ولم ينفعنا جاهٌ، ولامال، ولا عيال، وليس إلّا فضل الكبير المتعالّ).