10 نوفمبر 2025

تسجيل

الانتخابات لملء الشواغر السياسية في الوطن العربي

06 مايو 2014

(1)يجتاح الوطن العربي هذه الأيام مرض خطير ومعدٍ، إنه "مرض الانتخابات البرلمانية والرئاسية والبلدية"، وقيل لنا إن "الصندوق" خير شاهد على تسلم مقاليد الأمور وتداول السلطة، في العراق انتخابات برلمانية والناس ذهبوا في طوابير للإدلاء بأصواتهم لهذا الفريق أو لذاك، الأحزاب السياسية المتنافسة على السلطة في العراق هي من نوع واحد لا ثاني له، وأينما اتجه الناخب في النهاية ستكون المحصلة لتلك الطائفة المتنافسة على السلطة وسوف تتوزع أصوات الناخبين بين أطراف تلك الطائفة ثم يجتمع القوم ويشكلون ائتلافا واحدا ليحكموا العراق تحت ذريعة أن "الصندوق" خير حكم. كلنا نعلم أن الأمور مدبرة والأصوات محسومة لهذا الفريق أو ذاك، إن الانتخابات العراقية ليس هدفها الإتيان بأفضل رجالات العراق علما وعملا وخلقا وتجربة وإنما الإتيان بمن يخدم الطائفة وحلفاءها في داخل العراق وخارجه، وإلا كيف تجري انتخابات في العراق والحرب الحكومية الطائفية على أكثر من نصف العراق مشتعلة، والعاصمة بغداد تنهشها التفجيرات والدماء تسيل في كل أحياء بغداد، إنها انتخابات الزور والبهتان بهدف تفتيت العراق وإبادته ولكن هيهات لهم ذلك.(2) في الجزائر بلد المليون شهيد استشهدوا من أجل الحرية والاستقلال جرت فيها انتخابات رئاسية في الشهر الماضي وكانت النتيجة لصالح من رسم خطة الانتخابات والإتيان بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة، ورغم حبي ومودتي وصداقتي الشخصية للرئيس بوتفليقة إلا أنني لم أكن سعيدا بترشيح نفسه وهو في هذه الحالة الصحية التي حالت بينه وبين الوصول إلى صندوق الانتخابات إلا جالسا على كرسي متحرك. صحيح أن الرئيس بوتفليقة من رجال الثورة الجزائرية ومن رموز قيادتها عبر سنوات الستينيات من القرن الماضي وقدم للقضية الفلسطينية واللغة العربية في الأمم المتحدة ما لم يقدمه غيره من القادة العرب ولابد من الثناء عليه في ذلك الإنجاز الذي جعل اللغة العربية لغة رسمية في الأمم المتحدة أسوة بلغة المؤسسين، أي الدول دائنة العضوية وإدخال منظمة التحرير الفلسطينية عضوا مراقبا في الجمعية العامة ولجانها، ورغم ذلك لم أكن أود أن أرى الرئيس بوتفليقة يدلي بصوته لصالح نفسه وهو جالسا على كرسي متحرك.. لكن هكذا أراد من حوله أن يشوهوا سمعته في آخر حياته بأن يقال: انتخب رجل ليقود الجزائر الثائرة وهو عليل، ولا شك بأن ذلك سيكون إضعافا للجزائر في وقت نحتاج فيه إلى قيادات مكتملة الصحة والبناء لتعطي من جهدها ما ينفع الأمة. (3) في مصر تعد قوى الانقلاب العسكري لإجراء انتخابات رئاسية في الشهر المقبل يتنافس فيها شخصيتان، الأول عسكري، هو المشير السيسي قائد الانقلاب العسكري على القيادة السياسية المدنية المنتخبة (الرئيس الدكتور محمد مرسي)، والشخصية الثانية هو السيد حمدين صباحي أحد أركان المؤيدين للانقلاب العسكري. في تقديري الغلبة في هذا السباق ستكون من نصيب العسكر، لأنهم القوة الفاعلة والأكثر تنظيما والأسرع استجابة للتوجيه من قبل مرشح الجيش، في هذه الظروف المجتمع المصري منقسم بين مؤيدين لترشيح زعيم الانقلاب المشير السيسي، وآخرين معارضين للانقلاب وما ينتج عنه. في مصر الجبهة الداخلية ليست مستقرة نظرا لذلك الانقسام، السجون لم تعد تتسع للمساجين لكثرتهم، والقضاء أصيب بحالة عصبية، فلم يعد القضاء يميز بين الحق والباطل، أحكام إعدام صدرت على المئات من معارضي الانقلاب، فوج فوقه فوج آخر من الذين صدرت بحقهم إعدامات، وآخرون أحكام قضائية صدرت بسجنهم مع الأشغال لسنوات وسنوات، ومظاهرات ومسيرات تجتاح مدن وأرياف مصر ضد الانقلاب، سؤالي، كيف يستطيع المشير السيسي أو حمدين صباحي حكم مصر في هذه الظروف الداخلية الصعبة، والاحتجاج العالمي على أحكام القضاء المصري غير العادلة لم تنقطع، ومديونية تجاوزت اثنين تريليون جنيه وفساد منقطع النظير على كل الصعد وإعلام لم يعد يشجع المشاهد /المستمع/ القارئ لمتابعة الإعلام المصري لضحالة مادته وتغييب الحقيقة، فأصبح إعلام الردح بلا منازع.(4) سورية الحبيبة تساق في نفس الطريق، أي طريق "الصندوق" رغم ما يدور على أرضها وفي محيطها، وهذا بشار قادم لترشيح نفسه ليحكم سورية عن طريق الصندوق. معلوم أن هناك الملايين من الشعب السوري لن يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم، إما لأنهم لاجئون في دول الجوار، وإما أنهم نازحون إلى البراري والقفار. وعلى ذلك ستزور القيادة السياسية في دمشق بطاقات المواطنة بأسماء اللاجئين والنازحين وتصوت نيابة عنهم لصالح النظام وهنا تكون الكارثة. جملة القول: كل انتخاباتنا مزورة لصالح الحاكم، كل المفتين دينيا فتاواهم تصب في مصلحة الحاكم، حسبنا الله ونعم الوكيل.. "ولنا عودة إلى الموضوع ذاته".