14 نوفمبر 2025

تسجيل

تبديل القوانين التعليم كوسيلة للغزو الفكري الغربي لاغتيال حضارتنا

06 مايو 2013

لاشك أن الغزو الفكري الغربي اعتمد على التعليم اعتمادا كبيرا في نشر حضارته ومبادئه، واستعان في بادئ الأمر بالتنصير الذي لجأ إلى الأساليب المباشرة التي قامت على إنشاء المدارس التبشيرية التي تدعو إلى المسيحية بشكل مكشوف، واهتم بوجه خاص بمدارس رياض الأطفال، ومدارس البنات، كما أسس مدارس تبشيرية مثل كلية فكتوريا بالإسكندرية، وكلية جوردون بالخرطوم، والجامعة الأمريكية ببيروت، والجامعة الأمريكية بالقاهرة، التي أنشئت لمواجهة الأزهر ومزاحمته. على أن الاستعمار الغربي عدل بعد ذلك عن أسلوبه الصريح في التبشير وفي التعليم التبشيري، إلى أسلوب آخر أعمق واخبث، يقوم على إضعاف التعليم الديني وتدعيم التعليم المدني، وقد كان التعليم الديني منتشرا في البلدان الإسلامية قبل مجئ الاستعمار الغربي، وإن كان بعض الحكام قد اتجهوا في بعض هذه البلدان إلى استحداث نظم تعليمية غربية، وإلى ابتعاث البعثات العلمية إلى أوروبا، كما فعل محمد علي باشا في مصر ليتمكن من تأسيس دولة منفصلة عن السلطان العثماني، ومن ثم بدأت ثنائية التعليم. وقد حاول بعض المصلحين القضاء على هذه الثنائية، ولكن الاستعمار الغربي جاء ليؤكدها ويعمقها، وعلى ذلك فقد حرص الغرب في كل البلدان الإسلامية على إضعاف التعليم الديني وإبطال فاعليته وأثره في الأمة، وكانت وسيلته في الوصول إلى هدفه تقوم على إخضاعه وإخضاع علمائه لسلطان الحكومة (الخاضعة للاحتلال) مع التقتير الشديد في الإنفاق عليه، واغتصاب أموال الأوقاف الأهلية المخصصة للتعليم الديني وإنفاقها في وجوه أخرى. والدعوة إلى إلغاء التعليم الديني وضمه إلى وزارة المعارف. وقد أدى ذلك إلى حصر أصحاب الثقافة الإسلامية في المساجد، ومنعهم من احتلال مراكز تتصل بتوجيه المجتمع، وتنفير الناس منهم عن طريق تخفيض رواتبهم، مما يؤدي إلى شعورهم بالذلة والعوز، مما يؤدي إلى انصراف الناس عنهم إلى ألوان التعليم التي تجر المغانم وتوصل للجاه، كالتعليم المدني، الذي توسع الاستعمار الغربي فيه على أسس سياسية مرسومة قامت على أمور عدة: منها إخضاع التعليم ورجاله للمستعمرين بحيث ينفذ المسلمون السياسة التعليمية التي يرسمها المستشارون الغربيون، على أن أهم الأهداف التي قصد إليها الاستعمار الغربي من هذا التعليم المدني هو صبغ حياتهم الفكرية والاجتماعية والأخلاقية بصبغة مسيحية غربية وقد عبر المستشرق الانجليزي "جب" عن ذلك في كتابه (أين يتجه الإسلام) الذي صدر في عام 1932م. أيها الشباب... ولعل من أهم العناصر التي أدت إلى نجاح سياسة الاستعمار الغربي التعليمية نظام الابتعاث إلى المعاهد العلمية في الغرب، فقد اختار الاستعمار المبتعثين من أفضل الطلاب الخريجين وأحاطهم برعاية خاصة، وكانت نتيجة ذلك أن أكثر هؤلاء المبعوثين يعودون إلى بلادهم وقد تأثروا تأثراً بالغاً بالحضارة الغربية في أفكارهم وأخلاقهم وعاداتهم ثم يتولى هؤلاء المناصب المهمة في بلادهم، فيقبلون من خلالها على توجيه اخوانهم ومواطنيهم توجيها غربيا، فيحققون بذلك عن عمد أو بلا وعي أهداف الغزو الفكري الغربي. هذا وبالله التوفيق.