04 نوفمبر 2025
تسجيلإن كل حديث يتصل بالتعليم يكتسب أهمية بالغة؛ باعتبار التعليم ركيزة البناء الأولى وأساس التقدم والنماء في كافة المجالات، وكلما أشعرنا القائمين على التعليم بأهميتهم وشجعناهم على أداء أدوارهم البناءة في هذا الميدان الحيوي الفعال كلما اقتربنا من تحقيق ما نصبو إليه من آمال وتطلعات، ويمثل استقطاب الكوادر المواطنة في قطاع التعليم مطلبا وطنيا نفيسا لتجسيد ما نطمح إليه من إنجازات وتطلعات.المعلمة القطرية عبر مسيرتها الحافلة أثبتت ـ ولا تزال ـ قدرة فائقة على العطاء وأداء المهام الموكلة إليها بأمانة وإخلاص، ولاشك أن المعلمة القطرية تجسد عاملا مهما من عوامل التنمية الوطنية المستدامة، خاصة أن التدريس يمثل خيارا أفضل للموظفة القطرية، رغم المهام الجسيمة التي تحملها المعلمة عبر أداء رسالتها التربوية النبيلة، لكن قطاع التعليم حاليا لم يعد بيئة جاذبة في نظر المعلمة القطرية، ومن استمرت منهن فإنها تناضل وحيدة في وجه العواصف!! والميدان يشهد عزوفا غير مسبوق من المعلمات القطريات منذ حل مجلس التعليم بمدارسه المستقلة وتلاشى دور الوزارة مقابل هيئات المجلس وقياداته النسائية، التي أتاحت لبعض الفئات ممارسة صلاحيات أثرت سلبا على معدل الأداء التعليمي العام وحولت بعض المدارس إلى بيئات طاردة للكوادر الوطنية، وتعمقت بذلك جراح المدرسة القطرية، وزادت نسبة الفاقد الوطني في التعليم فانقلبت النسبة إلى عكسها، نظرا للأسباب التالية: - تعسف صاحبات الترخيص أو المديرات، وتجاوزات النائبات (الأكاديميات) غير القطريات، ومعاملة المدرسة القطرية بأسلوب متعنت متسلط، وعرقلة إجراءات تعيين القطريات (المؤهلات) لصالح المدرسات الوافدات رغم أفضلية وأحقية المواطنات، فأين ذهبت شعارات التقطير واعتمادها عند تقييم المدارس!؟ زيادة عدد وزمن الحصص المدرسية آخذين في الحسبان تغير أنماط السلوك، وتعرض المعلمة للمحاسبة عن أي تقصير في المستويين التعليمي والسلوكي. - مصادرة أو انتقاص حق المعلمة في بعض الإجازات، كالأمومة والمرضية والرضاعة، واشتراط إثبات إصابة الطفل بإعاقة في بعض الحالات، فهل تهمل الأم رعاية طفلها المريض إلى أن يصاب بالإعاقة لتحصل على حقها في رعايته؟ - حرمان المعلمة من حقوقها الوظيفية ومن ذلك تعمد بعض المديرات حجب تعميم صدر عن الموارد البشرية بمجلس التعليم مؤخرا (تعميم رقم 16) ينص على أحقية المعلمة في ترقية استثنائية عند حصولها على تقييم امتياز عامين متتاليين، إعمالا للمادة 78 من قانون الموارد البشرية ومرفق بالتعميم نموذج طلب علاوة استثنائية.- إلزام المعلمة بحضور ندوات وبرامج تدريب، تتجاوز ساعات الدوام الرسمي!! ومطالبتها بالرخصة المهنية أو دورة المعايير وأغلب القطريات ذوات خبرة ودراية تفوق تلك الإجراءات المقحمة على الميدان، مما يشتت الوقت والجهد دون جدوى.- معاناة مدرسات المدارس (النموذجية) خاصة مع طلاب الصفين الخامس والسادس، وتعرضهن للإهانة والمواقف المحرجة مع البنين نتيجة التغيرات البدنية والانفعالية المصاحبة لهذه الفئة العمرية. - كثافة عدد الطلبة (الجنسين) في الفصل الواحد وما يتبعها من تحضير وشرح ومتابعة وتصحيح وخطط علاجية...الخ - تكليف المدرسات بأعباء إدارية مرهقة واتخاذها معيارا عند رفع تقارير الأداء، وإذا شكت المعلمات من هذا الوضع قيل لها: عليك التنفيذ دون مناقشة، وتهديدها بالخصم أو الإيقاف بحجة رفض العمل وما أكثر التهديدات والإنذارات ولألفاظ الجارحة التي تنهال على مسامع المعلمات المغلوبات على أمرهن من صاحبة الترخيص ونائباتها المتعجرفات. تهميش آراء المعلمات المواطنات وتجاهل مطالبهن خاصة عند (نسوة الهيئات) اللواتي يتصفن بالتسلط والتعالي على أهل الميدان، وضعف التجاوب أو انقطاعه مع القضايا المطروحة عبر وسائل الإعلام.- تأخير موعد الانصراف إلى البيت، وهذا يؤثر سلبا على المعلمة الأم والزوجة والأخت والابنة؛ لأن عليها حقوقا ولها واجبات حسب موقعها ودورها الأسري.مواجهة تحديات اليوم التالي من تحضير وإعداد الوسائل، وملف الإنجاز، وإجراء بحوث وتجهيز اختبارات أو دروس مشاهدة وغيرها من شكليات التعليم المصطنع، وتتحول المعلمة إلى آلة تعمل على مدار الساعة، فلاتجد وقتا لنفسها وبيتها وأفراد أسرتها. هذه العوامل وغيرها تشكل عوامل طرد تدفع بالخريجات القطريات إلى العزوف عن العمل بالمدارس كما تشكل لدى المدرسات القطريات هاجسا يجبرهن على ترك الميدان وإحلال الجنسيات الأخرى بديلا عنهن، يحدث هذا رغم تأكيد قيادتنا الرشيدة على مواصلة دعم قطاع التعليم ومنحه أولوية في الموازنة العامة.هذه الملفات نضعها على طاولة رئيس المجلس الأعلى للتعليم رجل المهمات الشيخ عبدالله بن ناصر وهو يتسلم زمام قيادة هذا القطاع الحيوي ونهيب به ممارسة صلاحياته تجاه هذه القضية الوطنية إضافة إلى معالجة أوضاع المحالين على البند أو أمانة الوزراء، بإجراءات عملية تربوية حكيمة، تردع عناصر الاستغلال والتحزبات والشللية، وتصحح أوضاع الميدان التعليمي، وتعيد التعليم والمدارس إلى المحضن الوطني الأصيل.