16 نوفمبر 2025

تسجيل

فيروس الثورات

06 مارس 2011

لا شك أن العالم العربي كله من محيطه إلى خليجه يعيش أزمة حقيقية اختلطت فيها الكثير من المفاهيم بل وأصبحنا أمام سوق كبير للنظريات الثورية دون أن يعي من يتحدث الفرق الجوهري والكبير كما يذكر الدكتور محمد الشنقيطى بين هذه المفاهيم، انه لابد من التمييز بين ثلاثة مفاهيم عن الثورة (الثورات، وأنصاف الثورات، والانقلابات) وغاية هذا التمييز ألا يعمينا التعميم اللفظي عن الفروق الهائلة بين الظواهر السياسية والاجتماعية التي تحمل اسم "الثورة" في لغتنا اليومية. وإذا كان الشباب المحتجون عربيا، في تونس ومصر وليبيا واليمن، يخوضون حربا ليس لإسقاط رموزهم السياسية التقليدية وزعماء الأنظمة السياسية المتهالكة وحسب، بل هي معركة لاستعادة الذات والروح واستعادة بلادهم من قهر الهزائم ووقع الاضطراب والفوضى و الانكسار لمشاريع بيع أصول الدولة وتجارة السياحة السياسية، ونهب الثروة الوطنية من جانب نخب رجال أعمال تحالفت مع سلطات سياسية فاسدة، فهكذا تصبح هذه لحظة تطهير ثقافي ذات قدرة على تحرير العرب من نحو نصف قرن من الخوف المشلّ والانكسار كما يذكر كاتب يمنى. فإننا الآن يجب أن نفرق بين مجتمع ومجتمع وحاكم وشعب فلا يصح لشعب دخله هو الأول في العالم على مستوى دخل الفرد يعيش في رفاهية تحسده عليها كافة شعوب الدنيا وأصبحت بلاده محط أنظار القاصي والداني تميزت في كافة المجالات وكان لها سبق الريادة في كثير من المحافل الدولية والعربية والإسلامية، أقول لا يصح لشعب هذا حاله أن يتحدث أو يفكر فيما يفكر فيه الآخرون ليس لما ذكرت وحسب. إن دولة مثل قطر انعدم فيها الفساد وتصدرت تقرير منظمة الشفافية الدولية للمرة الثالثة على التوالي كأفضل بلد عربي وشرق أوسطى من حيث الشفافية محتلة المرتبة 22 وحلت بعدها الإمارات العربية في المرتبة 30 وأظهر التقرير تقدما ملحوظا لبعض الدول مثل سوريا، والتي تقدمت 21 مرتبة عالميا وأربع مراتب إقليميا، أما المملكة العربية السعودية فقد تقدمت 17 مرتبة عالميا وثلاثا إقليميا. وأظهر التقرير أيضا تدهور بعض دول الشرق الأوسط مثل لبنان التي تراجعت من المرتبة الـ 102 عام 2008 إلى المرتبة 130 عام 2009، أما إيران فقد تراجعت من المرتبة الـ 141 عام 2008 الى المرتبة 168 عام 2009. وليس هذا وحسب أن بلد فتح أميره وحاكمه وزعيمه أبواب الحرية وأمام وسائل الإعلام لتنقل الحقيقة أينما كانت وقتما تريد دون تدخل أو توجيه وهذا أعظم ما ينادي به الثوار في اى ميدان يقفون بداخله. إن بلدا يستثمر في البشر لا الحجر يبنى العقول لا البطون، ينشئ الجامعات، يحسن في منظومة التعليم والصحة بكل ما اوتي من طاقة ومال ويولي البحث العلمي جل اهتمامه هو بلد جدير أن يحترم ويشار له بالبنان. وأخيرا وليس بأخر إن بلد ينعم الفرد فيه بالأمن والأمان ليل نهار لا نغلق بابا ولا نخاف لصا هو بلد جدير أن يحترم. وفي القرآن الكريم بين الله عز وجل أنه منّ على أهل مكة بهذه المِنّة العظيمة واعني بها الأمن ((فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)) من سورة قريش:4. فجعل لهم هذا الحرم الآمن في الوقت الذي كان الناس يُتخطفون من حولهم. ومن أجل ذلك نما المجتمع المكي ونمت تجارتهم، فكانت لهم رحلتا الشتاء إلى بلاد اليمن والصيف إلى بلاد الشام. ويروى عن احد الصالحين " ثلاثة أشياء يحتاج إليها جميع الناس ؛ الأمن والعدل والخصب." فبالعدل تطمئن النفوس وتستقر البلاد، وبالعدل تصان الحقوق وينـتصف الناس. وبالخصب يُقضى على الفقر والعوز. إن شر البلاد بلد لا أمن فيه، فإذا انتشر الأمن بين الناس زادت الحركة الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع وعلت سياسة دولته بين الدول، ولا رفاهية لشعب إلا بالأمن، فاللهم ادم علينا نعمة الأمن والأمان واحفظ وطننا من كل مكروه وسوء انك نعم المولى ونعم النصير. [email protected]