14 نوفمبر 2025
تسجيلعندما نكون في قلب الحدث قد نعجز عن التعبير لهول ما نرى! خاصة عندما يحدث ما نعجز عن تفسيره من شدة الصدمة، بالصدفة كنت بجانب قصر ثقافة بورسعيد، فجأة انطلق بشر يركضون من كل اتجاه ناحية شارع الاستاد، كلهم يحاولون الاطمئنان على أولادهم بعدما أذاع التليفزيون خبر الأحداث الفاجعة بالاستاد، في كل شارع ومنحنى هلع، ودموع، وصراخ أمهات، وآباء يركضون، وآخرون يجأرون لله وهم سائرون بالدعاء أن تطمئن قلوبهم على أولادهم، ووسط كل هذا الهلع تتعالى أصوات أبواق عربات الإسعاف طالبة إخلاء الطريق لتمر، وكان هذا كافياً بأن يشي بحجم الإصابات التي لم نكن نتخيلها بعد، وصلت بيتي منهكة المشاعر، تسمرت أمام التليفزيون أتابع الأخبار التي أدمت قلوب بورسعيد بل مصر كلها، مر الليل ثقيلاً لم ينم أحد، لم تنقطع الاتصالات الهاتفية كل يحاول أن يطمئن على أولاده الذين لم يعودوا أو يطمئن على أولاد أقاربه أو جيرانه، ولنعلم أن من تأخر إما مصاب أو يساعد في الإسعاف، وقد اصطف شباب بورسعيد أمام المستشفيات في طوابير للتبرع بالدم، ومر اليوم المثقل بالحزن والدموع، بطيئاً بطيئاً حتى طلوع الشمس ليرى المتجول في الشوارع منظراً لم تشهده المدينة الطيبة أبداً، بورسعيد كلها متشحة بالسواد، كلها حداد، بورسعيد الموجوعة تبكي، بحرها الحزين يبكي، شوارعها تبكي، شبابها يبكي في الشوارع ويصرخ (مش احنا اللي قتلنا)، بورسعيد الجميلة، الجليلة، الفاضلة، الباسلة، المناضلة التي حمت يوماً أمة بكاملها من اعتداء ثلاثي مجرم بلحمها الحي، بنسائها، ورجالها، وشبابها، وشيابها، تبكي هي الأخرى محزونة فبعد تاريخها الشريف، النظيف، النضالي، البطولي، تتهم بقتل جمهور الأهلي على أرضها، تشتعل بورسعيد غضباً وأصحاب الإفك يروجون ظلماً فاجراً بورسعيد منه بريئة، تندفع بورسعيد رجالاً ونساء إلى شوارع المدينة بهتافاتها الموجوعة "مؤامرة دنيئة بورسعيد بريئة"، والحقيقة الساطعة فعلاً التي لا يغطيها غربال أن الحكاية كلها كلها مؤامرة دنيئة خسيسة، قادها البلطجية بعد تخطيط الذين دفعوا لهم لينفذوا الجريمة بكل نذالتها، وبشاعتها، ووحشيتها دون أن يهتز لهم جفن، ولعل ما واسى حزن بورسعيد المتهمة زوراً وظلماً وبهتاناً ما أذاعته قناة الشباب في خبر يقول لقد أمسكت الشرطة بمن أقر بأن منفذي المجزرة هم 600 بلطجي وصلوا إلى بورسعيد بباصات تقاضوا من 150 إلى 400 جنيه، ودخلوا الاستاد دون تفتيش يذكر، وكانت ساعة الصفر لتنفيذ الهجوم بعد صافرة الحكم وانتهاء المباراة، وكان السيناريو المتصور للمخططين الأغبياء أن الأهلي سيكسب المباراة، وهذا كافٍ لإلصاق التهمة بجماهير بورسعيد التي سيغضبها الفوز فتنقض على الجماهير في مجزرة مروعة، لكن شاء الله أن يفوز المصري 3/1 ليفضحهم الله وينفي التهمة التي أصبح ظاهراً كعين الشمس أنها من صنع بلطجية النظام، وأصحاب شلة طرة الذين يديرون حرائق مصر، وفتنها من أحداث ماسبيرو، البالون، السفارة الإسرائيلية، محمد محمود، مجلس الوزراء، وأخيراً بورسعيد، الآن وقد بدأت تتضح المؤامرة الخسيسة الآن يسأل كل بورسعيدي لجنة تقصي الحقائق قبل كتابة تقريرها أسئلة كثيرة: 1 – لماذا لم يتم تفتيش الجماهير الداخلة إلى الاستاد، والعرف يقتضي تفتيش كل فرد داخل إلى الملعب، واحتجاز زجاجات المياه، والولاعات، ولزيادة الحرص خلع الأحذية؟ 2 - كيف دخلت (الشماريخ) النارية والأسلحة البيضاء، والولاعات، والشوم، والعصي، والطوب؟ هل ارتدى البلطجية الداخلون بكل هذه (البلاوي) طاقية الاخفاء فلم يرهم الأمن؟ 3 – من الذي قفل باب الاستاد الحديدي وسده باللحام المحكم؟ ألم يكن هذا لإحكام حبس جمهور الأهلي لتمكين البلطجية من قتل مباشر؟ 4 – لماذا في هذه المباراة سمح بدخول الجماهير دون تذاكر وكان يتم التدقيق الشديد فيما قبل؟ 5 – كيف للأمن الذي ينجح في تأمين مهرجانات، ومحاكمات المخلوع وزبانيته، وانتخابات، ورؤساء، ووزراء، وكبراء كيف يرسب في تأمين (ماتش كورة)؟ 6 – لماذا تم تغيير مدير أمن بورسعيد قبل مباراة المصري والأهلي قبل تسعة أيام؟ كل بورسعيدي يطلب من لجنة تقصي الحقائق مراجعة الحراسة الأمنية (بماتش المحلة) ثم يراجع الحراسة في (استاد بورسعيد) لتتكلم الصورة وتنطق بشهادة الحق. 8 – لماذا إلى الآن لم يتم جمع البلطجية في كل الأحداث السابقة ومحاكمتهم ليتكلموا ونعرف من التحقيقات تفصيلات التواطؤ؟ • طبقات فوق الهمس - عتاب بورسعيد على الإعلام الرياضي تحديداً الذي نزل بسكاكينه عليها ليشبع قلبها ضرباً مميتاً، واتهامات مروعة، ولم يسأل نفسه لماذا تقام مباراة بمثل هذه الحساسية في هذا الوقت بالذات والجو العام ملبد بل وتحتم تأجيلها؟ - إلى (المنحط) الذي كتب في سيناريو المؤامرة لافتة (بلد البالة مافيهاش رجالة)، نقول عليك زيارة متحف بورسعيد الحربي الذي يوثق بالسيرة الذاتية والصور لمئات مئات الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم رخيصة لحماية الوطن والأوغاد أمثالك، ألعب غيرها فضحكم الله وكشف ملعوبكم. - إلى بورسعيد الحبيبة، الجميلة النقية، الصابرة الطاهرة، فلتهدأ أحزانك، فالكل يعرف أنها مؤامرة دنيئة أنت منها بريئة.