15 نوفمبر 2025
تسجيلالقيادة من أهم مصادر قوة الأمم، لذلك يركز المؤرخون على دور الفرد فى تحقيق الانتصارات، فيدرسون سمات القائد وسلوكه، وقدرته على اتخاذ القرارات، وتحديد الأهداف.وعندما تتمكن الأمة من اختيار قياداتها بإرادتها الحرة، فذلك بداية الانطلاق لتحقيق أهداف عظيمة ؛ من أهمها تحرير الانسان والاوطان.. وبناء المستقبل. والمقاومة الفلسطينية قدمت للأمة درسا مهما فى كيفية اختيار قياداتها، ففى ميادين الكفاح يتم اعداد الرجال الذين يمكن أن يتولوا القيادة طبقا لما قدموه من تضحيات. هذه الصيغة كانت نتيجة لدراسة الحضارة الاسلامية التى تحتل فيها القيادة مكانتها بايمانها وتقواها وثباتها واصرارها وتضحياتها، وتلك من أهم سمات القوة النفسية التى تقوم على شجاعة القلب والضمير. هذه السمات تنزع الخوف من قلوب القيادات، فهى تعمل لتحقيق النصر، أو الفوز بالشهادة ليحل قائد جديد يكمل الكفاح لتحقيق الهدف العظيم ومن الواضح أن قيادات المقاومة الفلسطينية تمكنت من ضبط البوصلة، وتحديد الاتجاه نحو المسجد الأقصى ؛ فتحريره هدف قائد فى المشروع الحضارى الاسلامى منذ بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما توجهت له وجوه المسلمين وقلوبهم فى صلاتهم باعتباره قبلة المسلمين الأولى، ومسرى الرسول الذى صلى فيه إماما بكل الأنبياء، لذلك أصر كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريره، واعتبروا أن المشاركة فى الجهاد ضد الامبراطورية الرومانية مجدا وشرفا وعزا، وبناء حضارة اسلامية عالمية تحتل فيها القدس مكانتها، وتنطلق منها أنوار المعرفة الاسلامية لتضيئ العالم. لذلك كان من أهم ما يميز القيادات فى المقاومة الاسلامية الفلسطينية النجاح فى ضبط البوصلة نحو القدس، وتحديد الهدف العظيم الذى يتوحد حوله الجميع وهو تحريره من الاحتلال الاسرائيلي، وحمايته من المخططات الاسرائيلية التى تستهدف السيطرة عليه وتقسيمه زمنيا ومكانيا، وتدميره لإقامة الهيكل مكانه. ضبط المقاومة الفلسطينية للبوصلة نحو القدس الشريف أدى إلى أن تكسب قيادات هذه المقاومة عقول وقلوب المسلمين الذين يتمنون تحطيم قيودهم للمشاركة فى تحقيق الهدف العظيم.وايمان القيادات بالهدف واصرارهم على تحقيقه تجلى فى زيادة قدرتهم على التعبير بوضوح وبلاغة وفصاحة عن قضيتهم، ووصف صمودهم، فتنطلق الكلمات قوية لتشبع حاجة الأمة لخطاب قوى بعد أن ملت ذلك الخطاب الضعيف الذى يعبر عن حالة الاستسلام والوهن والخور. خطاب القوة والثورة والاصرار على تحرير القدس أهم ما تحتاجه الأمة الاسلامية فى هذه المرحلة من تاريخها ؛ حيث يفتح أمامها آفاقا جديدة للكفاح لاختيار قيادات جديدة تعبر عن حلمها العظيم، وتقود كفاحها لاعادة بناء الحضارة الاسلامية، وتقديم المثال والقدوة. قيادات المقاومة الاسلامية تقدم للأمة ولكل أحرار العالم درسا مهما فى عملية اختيار القيادات ؛ فالقائد فى حركات التحرر الوطنى تكون تضحياته أهم مؤهلاته، فهذه التضحيات هى الأدلة على شجاعة القلب والضمير وقوة الايمان بالله وبالمبادئ.فى ضوء ذلك يمكن أن نفهم لماذا تنتظر الجماهير خطاب قادة المقاومة الاسلامية خاصة أبوعبيدة الذى لا تعرف ملامحه، لكنها تحفظ كلماته، وترددها، وتحولها إلى مضمون يتم نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي. خطاب قادة المقاومة الاسلامية الفلسطينية يفتح لنا مجالا جديدا لتطوير علم القيادة، ودور خطاب القائد فى التأثير على الجماهير، وكيف يمكن تحويل خطاب القيادة إلى مصدر قوة يوجه الناس لتحقيق أهداف عظيمة. وخطاب قيادات المقاومة الفلسطينية يشكل ثروة فكرية وثقافية للأمة، فالمفردات المستخدمة تعبر عن العزة والمجد والكرامة والسيادة والقوة والاصرار، وهى مفردات نحتاج إلى استخدامها عندما نخاطب جماهيرنا لنبدأ ثورة جديدة ضد الاستعمار والتبعية والاستبداد والفساد.ولكى نتمكن من اعداد قيادات المستقبل يجب أن نتابع خطابات قيادات المقاومة الاسلامية الفلسطينية، ونعلم الشباب استخدام لغة القوة، والايمان بالقضية والتعبير عن ارادة الجماهير ومن الواضح أن المقاومة الاسلامية الفلسطينية تمكنت من اعداد الكثير من القيادات ؛ فعندما يستشهد قائد يحل مكانه قائد آخر أكثر قوة ومعرفة وتجربة. ونحن نحتاج أن نتعلم القيادة من أساتذة المقاومة والكفاح.