18 نوفمبر 2025

تسجيل

إن تواضعت تعلمت

05 نوفمبر 2015

حتى تتعلم أو تكسب علماً، لابد أن تصفي نفسك من كل موانع عدم التعلم، ومنها روح الكبرياء أو التعالي لأي سبب كان.. لا يمكن أن تتعلم وأنت لا تحترم وتوقر من يعلمك، بغض النظر عمن يكون هذا المعلم.. ولن ترتقي بما تعلمته إذا اعتقدت لحظة واحدة أنك اكتفيت من العلم، وكلما تواضعت تعلمت أكثر فأكثر. يضرب القرآن لنا مثلاً في هذا الموضوع وهو نبي الله موسى عليه السلام، حين جاء يوماً فخطب أمام حشد كبير من بني إسرائيل، ثم سأله سائل: هل هناك من هو أعلم منك يا موسى؟ فأجاب دون تردد: لا! وإجابته السريعة تلك ما قال بها إلا لأنه لم يكن يعتقد أن هناك على الأرض حينها أحداً غيره له صلة بالسماء، يأتيه الوحي من الله، وبالتالي يعرف ما لا يعرفه بقية البشر.لكن الله أوحى إليه فوراً أن يا موسى: هناك من هو أعلم منك.. فتعجب نبي الله موسى من ذلك، وسأل الله أن يدله على ذاك الذي هو أعلم منه.. وكان ذلك مع الخضر عليه السلام، الذي اتفق المفسرون على أنه كان نبياً أيضاً. فحدثت الوقائع معه كما جاءت في سورة الكهف لمن أراد قراءتها والاستزادة فيها. كم كان موسى عظيماً، وهو الذي كلمه الله تكليماً مباشراً، وكان يعلم ما لا يعمله أحد من البشر، لكن مع ذلك أصر على السفر إلى مكان وجود الخضر ولو أمضى حُقُباً في البحث عنه.. فلما جاء الوقت المعلوم وجده، فطلب منه بكل تواضع أن يتبعه ليتعلم مما عنده من علم، ووافق الخضر بشرط عدم توجيه أي أسئلة إليه إن قام بأي عمل مهما يكن نوعه وشكله، وهو أمر صعب على أي طالب علم، لكن موسى عليه السلام بعد رحلته الطويلة، ولأنه سافر لأجل العلم ، وافق دون تردد. بسبب موافقته وتواضعه في البداية تعلم أشياء كثيرة من الخضر، كالحكمة من وقوع بعض الأشياء، ولولا غلبة الطبع البشري عليه وسرعة غضبه، لتعلم أكثر من الخضر عليهما السلام.. لكن الشاهد في القصة أهمية أن ندرك قيمة التواضع حين نطلب العلم، وضرورة احترام من يقدم لك العلم، بغض النظر من يكون المعلم، صغيراً كان أم كبيراً، رجلاً أم امرأة، مسلماً أم غير مسلم.. إذ كلما تواضعت في طلب العلم، ازددت تحصيلاً ورفعة في الدنيا قبل الآخرة.. وهذا لب موضوع اليوم.