09 نوفمبر 2025

تسجيل

الباطل يحاصر الحق.. إلى متى؟

05 سبتمبر 2017

سيدخل الحصار الجائر بعد عيد الأضحى سنة إدارية وسياسية جديدة، نأمل في بدايتها أن تستيقظ ضمائر الذين ارتكبوا هذا الخطأ الفادح فيراجعوا بجرأة وأمانة مواقفهم ويعود إليهم وعيهم ويثوب إليهم رشدهم، لأن المجتمع الدولي بدأ يتململ ويعبر عن حيرة بلغت درجة الضجر والغضب أمام حالة دبلوماسية استثنائية لم يعرفوا لها سابقة في التاريخ السياسي الحديث.. أربعة حكام استيقظوا ذات صباح معلنين حصارا بريا وجويا وبحريا (سموه قطع علاقات!)، ضد دولة شقيقة تفاجأت بالقرار وصدمت به لأنه جاء مباشرة غداة لقاءات أخوية حارة صحبتها عناقات وأخذ بالأحضان بين الإخوة الخليجيين في مناسبات متقاربة كعادة قادة دول المجلس منذ 1981 (بل منذ الأزل)، ولم يكن عليها غبار أو اكتنفتها أسرار! كما تفاجأت شعوب الدول الأربع نفسها، لأن الرأي العام في تلك المجتمعات الأربعة اندهش بصدق وعفوية لما اتخذه حكامه بين عشية وضحاها دون أن يكون لدى أي مواطن من تلك الدول الأربع شكوى أو انزعاج أو لا قدر الله ضرر من دولة قطر، ولم ير منها المواطنون السعوديون والإماراتيون والبحرينيون... والمصريون أي إساءة ولم تصدر عن أي من ملايين الناس الأجوار لقطر أي كلمة عتاب أو إشارة لوم! اليوم تشعر قطر والقطريون والخليجيون عامة والمجتمع الدولي بأسره، أن الظلم طال واستوفى ثمانين يوما، وأنه لا بد من مخرج معقول (لنقل مشرف) لكل الذين ظلموا حتى يتم بتضافر الجهود إصلاح ما يمكن إصلاحه وجبر الأضرار الكبرى لعشرات الآلاف من الضحايا الخليجيين والعرب الذين شتت الظالمون أسرهم وشردوا عيالهم وفرقوا بين الزوج وزوجه وبين الرجل وأخيه وبين رجل الأعمال وحلاله وبين الطالب وجامعته بل بين المريض ومستشفاه والأنكى بين الحاج وشعيرة الحج وهو ركن من أركان الإسلام! ارجعوا إلى تصريحات واضحة أدلى بها وزراء خارجية الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا بل وأحيانا ردوا بها علانية على تصريحات عادل الجبير، وطالعوا أدبيات وسائل الإعلام والاتصال الاجتماعي في العالم كله واستمعوا إلى خبراء القانون الدولي والبحوث الإستراتيجية فاستدركوا أي بلبلة فكرية أحدثها الحصار وأصبح العالم كله بدءا بالمنظمة الأممية والدول العظمى يطالب المحاصرين بأن يأتوا ببرهانهم إن كانوا صادقين، ويسجل المراقبون تكرار الاجتماعات بين وزراء الحصار في القاهرة والمنامة والرياض فيعقد الإعلاميون الأمل (كسراب بقيعة) لعل حجة قوية أو دليلا قاطعا على رعاية قطر للإرهاب أو إيواء الدوحة للإرهابيين! مؤملين عن حسن نية قنص (سكوب) يزودون به مؤسساتهم، فلا يجدون في المخلاة سوى الكلام الأجوف الذي لا يغني ولا يسمن من جوع.. ويعقد الوزراء الأربعة المؤتمر الصحفي الذي يعقب الاجتماع المهيب أمام مايكرووات وكاميرات ممثلي الوكالات والقنوات العالمية والعربية! ويتورط أربعتهم في أوضاع محرجة للغاية جعلتنا والله نشفق عليهم من حصة تعذيب ذاتية لأنهم لا يملكون حجة ولا يقدمون بينة، ثم ينفض الاجتماع دون نتائج بل ثبت لدى الرأي العام الخليجي والعربي والدولي أن الأطراف الأربعة لم يتفقوا من قبل على شيء محدد ولم يقتنعوا هم أنفسهم حتى يقنعوا العالم، فمن حسن الحظ توقفت اجتماعاتهم وأوكلوا مهمة البحث عن "حجج الإدانة الدامغة" لبعض القنوات التلفزية وبعض الأقلام البائسة وبعض المتكلمين المتضاربين المتناقضين المتلعثمين! كل هذا الضجيج وقرع الطبول للتغطية على المكيدة.. وصدق ذلك الصحفي الأمريكي الذي كتب متسائلا: "ينتظر المحاصرون أن تستجيب قطر لمطالبهم دون أن نعرف ما هي المطالب ولا تعرف قطر إلى ماذا تستجيب؟" ويضيف الصحفي متعجبا: "مطلب غلق الجزيرة لا يستقيم أمام شبكات يملكها المحاصرون، ومطلب العلاقة مع إيران ليس مقنعا أمام مساعي المحاصرين لتعزيز العلاقات مع طهران بشهادة وزير الخارجية العراقي، أما مطلب وقف الدعم للإرهاب فهو لا يستند إلى دليل محسوس مقنع مع اعتراف السيد تيلرسون بأن قطر عضو مشارك ومتحمس في مقاومة الإرهاب"! والناس شرقا وغربا يتساءلون ونحن معهم.. متى ينتهي حصار الباطل للحق؟