17 نوفمبر 2025

تسجيل

حول تحويلات العمالة الوافدة والكرم الخليجي

05 مايو 2013

تراوحت قيمة التحويلات المالية المرسلة من دول مجلس التعاون الخليجي ما بين 79 مليار دولار و83 مليار دولار في العام 2012 وهي أرقام ضخمة. يشكل الرقم الأدنى ارتفاعا لافتا مقارنة مع العام 2011 عندما بلغ حجم التحويلات قرابة 70 مليار دولار. يعد هذا التطور دليلا ماديا على واقع حال الاقتصاديات الخليجية والتي تنمو بشكل مستمر في ضوء بقاء أسعار النفط مرتفعة وما لذلك من تأثيرات إيجابية على إيرادات ومصروفات القطاع العام. تتميز الاقتصاديات الإقليمية بتوفير الكثير من فرص العمل سنويا لكن في قطاعات الإنشاء والخدمات والتي لا تتناسب غالبيتها مع تطلعات المواطنين الداخلين لسوق العمل فيما يخص النوعية والرواتب وساعات العمل. عموما، يكمن التحدي لأي اقتصاد في توفير فرص تتناسب ورغبات المواطنين. تمثل قيمة التحويلات المالية من الدول الست مجتمعة أكثر من 15 في المائة من التحويلات العالمية الأمر الذي يعكس الأهمية النسبية لاقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي على المستوى العالمي. بل تعكس هذه الحقيقة مدى استعداد دول مجلس التعاون لتقديم فرص العمل لعدد كبير من القوى العاملة الأجنبية والذين بدورهم يساهمون بتوفير سبل العيش الكريم لأحبتهم في أوطانهم. وكان تقرير حديث للبنك الدولي قد أشار إلى تسجيل نمو قدره 11 في المائة في حجم التحويلات وصولا إلى 514 مليار دولار على مستوى العالم في العام 2012. ويشمل الرقم المشار إليه تحويلات في حدود 400 مليار دولار مرسلة للدول النامية والتي تشكل الوجهات الرئيسية للأموال المغادرة من دول مجلس التعاون. ويلاحظ أن نسبة نمو التحويلات من دول مجلس التعاون بلغت 13 في المائة على أقل تقدير أي أعلى من المتوسط العالمي. إضافة إلى ذلك، تشكل قيمة التحويلات قرابة 6 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي وهي نسبة جديرة. ويعتقد أن حجم الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لدول مجلس التعاون الخليجي قد بلغ 1350 مليار دولار في العام 2012. وربما زادت الأهمية النسبية للتحويلات عند احتساب الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الفعلية المعدلة لمتغير التضخم. وتلاحظ في هذا الصد قيادة السعودية للتحويلات الأجنبية والتي بلغت نحو 32 مليار دولار في 2012 ما يعني ثلث القيمة المالية للتحويلات الخليجية. ويمكن تفهم هذا الأمر بالنظر لحجم العمالة الوافدة وأفراد أسرهم والذين يعملون ويقطنون بالسعودية وعددهم قرابة 9 ملايين. يشكل الرقم 32 مليار دولار نحو 4.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة وهي الأعلى عالميا من حيث النسبة. ويعتقد أن السعودية تأتي في المرتبة الثالثة وربما الثانية بعد الولايات المتحدة بالنسبة لقيمة التحويلات السنوية. من جملة الأمور اللافتة، كشف تقرير البنك الدولي تربع الهند على عرش الدول المستلمة للتحويلات من الخارج وتحديدا 69 مليار دولار في العام 2012. ويعتقد أن دول مجلس التعاون الخليجي ساهمت بنحو ثلث هذا المبلغ الأمر الذي يعزز من أهمية الاقتصاديات الخليجية بالنسبة للهند. ويسجل في هذا الصدد قيام ولي العهد البحريني سلمان بن حمد آل خليفة بزيارة لولاية كيرلا جنوب الهند خلال جولة له في آسيا في شهر مارس الماضي. ويبدو أنه جاء الاختيار على هذه الولاية دون غيرها كونها مصدرا لعدد كبير من العمالة الهندية العاملة في البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام. وفي كل الأحوال تعتبر قارة آسيا مصدرا جوهريا للعمالة لدول مجلس التعاون وعلى الخصوص من 5 خمس دول وهي الهند وباكستان وبنغلادش والفلبين وإندونيسيا. بل لا يمكن تصور استقامة طبيعة المعيشة في الدول الست من دون تواجد العمالة الوافدة في قطاعات الإنشاء والخدمات فضلا عن الخدمات المنزلية. بيد أنه نظرا لغياب نظام ضريبي ليس من اليسير معرفة قيمة الأموال التي تكتسبها العمالة الوافدة حتى يتسنى الوقوف على تفاصيل حيوية حول التحويلات المالية. لكن يستشف من مدى انتشار محلات الصرافة والتي تعمل طوال أيام الأسبوع ولساعات مطولة وجود سوق ضخمة تستحق خدمتها. تستفيد محلات الصرافة بشكل أساسي من فرق العملة فضلا عن الرسوم المفروضة. كما أن هناك فرصة الاستفادة من الأموال قبل تحويلها لمختلف الأطراف ذات العلاقة عبر توفير خدمات مثل الودائع الليلية عن طريق الاستفادة من فارق التوقيت بين الشرق والغرب.