06 نوفمبر 2025

تسجيل

كتاب فرنسي نزيه يكشف أسرار الإبادة

05 أبريل 2024

صدر هذا الأسبوع في باريس كتاب حول ما يجري في غزة من حرب إبادة في 250 صفحة مؤلفه رجل قانون دولي عمل كملحق قانوني بمنظمة الأمم المتحدة ثم كخبير قانوني في حلف شمال الأطلسي ويتمتع برصيد ثلاثين عاما من مواكبة حروب الشرق الأوسط وهو الأستاذ جاك بود JACQUES BAUD وعنوان الكتاب هو (هزيمة المنتصر) LA DEFAITE DU VAINQUEUR وقيمة هذا الكتاب الوثيقة هي أنه لا يؤرخ للأزمة بيوم 7 أكتوبر 2023 كما يفعل الإعلام الغربي المخادع بل ينطلق من وعد الوزير البريطاني بلفور الى زعيم الحركات اليهودية روتشيلد عام 1917 بأن «حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف لمطالب اليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين...» ولم يقل بلفور (دولة) ولا قال كيف ستتجسد «عين العطف» على أرض الواقع مع العلم أن كل فلسطين كانت وقتها تحت الوصاية البريطانية وأرضها محتلة بالقوة حسب معاهدة (سايكس بيكو) الموقعة في 6 مارس 1916 بين وزيري خارجية فرنسا وبريطانيا وكانتا القوتين الأمبراطوريتين الاستعماريتين المتحالفتين على تحقيق هدف واحد وهو القضاء على الخلافة الإسلامية العثمانية منذ أن أرسلت المخابرات البريطانية الجاسوس الداهية (لورنس العرب) الذي خدع الشريف حسين وولديه بوعد لندن لهم بتتويجهم على عرش «خلافة عربية» وهمية! ثم يخصص الكاتب ثلثي الكتاب لما سماه «حربا غبر متعادلة بين جيش نظامي مدرب ومسلح بآخر ما أهدته له واشنطن من عتاد وآليات تكنولوجية في قمة التطور والتفوق وبين شعب يقاوم بلا جيش نظامي ولكن بعقيدة راسخة لتحرير أرضه وبإرادة فولاذية صلبة يفتقدها المحتل الدخيل. **ويؤكد (جاك مود) بأن إسرائيل لم تثبت ما تدعيه من فظائع وحشية ارتكبتها كتيبة طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر بل الحقيقة التي استقاها الكاتب من مصادر إسرائيلية هي أن مخابرات الموساد والشاباك فوجئت بالهجوم بل اعترف بعض ضباط (تساحال) بأنهم ردوا الفعل عشوائيا في غياب الأوامر الواضحة من قياداتهم الى درجة أن طائرات إسرائيلية مقاتلة وصلت بسرعة الى الحفل الشبابي الراقص وجاء الأمر للطيارين أن يقصفوا الحفل بمن فيه ظنا من قياداتهم أن المتواجدين في الحفل هم «مقاتلون فلسطينيون!» وكانت المجزرة الأولى بالنيران الصديقة! ويتوقع الكاتب الأمين أن يقوى ساعد المقاومة الإسلامية في غزة وأيضا في الضفة وحتى داخل الخط الأخضر (عرب 48) بعد أن خسرت الدولة العبرية سمعتها وضيعت فرص السلام منذ أوسلو ومدريد وكامب ديفيد وأصبح وصمها بالإرهاب ممكنا حتى من الإسرائيليين أنفسهم. ويربط الكاتب الأمين بين صعود اليمين المتطرف في أوروبا وبين التأييد الأعمى للحكومة الإسرائيلية الأكثر عنصرية في تاريخ هذه الدولة ويستعرض تحليلا معمقا لظاهرة التحالف العجيب بين التطرفين نشرته صحيفة (ذي غارديان) اللندنية التي قالت «بعدما كانت المناقشات حول التطرف في جميع أنحاء أوروبا تدور حول التطرف الإسلامي والإرهاب فقد تحول النقاش خلال الآونة الأخيرة نحو أيديولوجيات اليمين المتطرف التي تنتشر وتكتسب زخما متواصلا لأن هذه الأيديولوجية أصبحت تشكل خطرا على ما تدعيه الدول الأوروبية من ديمقراطية وتسامح وذكرت الصحيفة أن هذه القضية أكثر وضوحا في ألمانيا إذ تتزايد الدعوات لحظر ثاني أكبر حزب سياسي شعبية في البلاد «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، بينما تسعى الحكومة إلى قطع مصادر تمويل الشبكات اليمينية المتطرفة. ** وفي بريطانيا، تخطط الحكومة لنشر قائمة جديدة بالجماعات التي تعتبرها «متطرفة» تزامنا مع مساع لمنع المتطرفين من الاجتماع مع المشرعين أو تلقي الأموال العامة وبينت الصحيفة، أنه بعد سنوات من العمل على مواجهة التطرف الإسلامي، فإنها لم تعد المخاوف والتهديدات الكبرى، تتعلق بزرع المتطرفين للقنابل وتنفيذ هجمات عنيفة، بقدر ما ترتبط بانتشار أيديولوجيات غير ديمقراطية في المجتمع وفي ألمانيا حيث تُلقي صفحات التاريخ المظلمة بشأن الحركات اليمينية بظلالها على السياسة والمجتمع، فقد ركزت الجهود الرامية إلى حماية الديمقراطية، في الأشهر الأخيرة، على تنامي التطرف اليميني المتطرف في البلاد والذي تعتبره وزارة الداخلية الآن أكبر تهديد يواجه المجتمع. ** وفي السنوات الأخيرة، شهدت العديد من الدول الأوروبية ارتفاعا في دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة ويتوقع المحللون تحولا حادا إلى اليمين في انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة في يونيو، والتي يستطيع 400 مليون شخص في الاتحاد الأوروبي التصويت فيها وقال جوزيف داونينغ، الخبير الأمني في كلية لندن للاقتصاد لواشنطن بوست، إن الناخبين في جميع أنحاء أوروبا يشعرون بشكل متزايد بأنهم غير ممثلين من قبل الأحزاب الرئيسية (أي التقليدية الديمقراطية) وهو شعور شعبي يميل الى مجموعات متطرفة مثل حزب البديل من أجل ألمانيا، أو الجبهة الوطنية في فرنسا التي وصلت رئيستها مرتين للدور الثاني في الانتخابات الرئاسية. ** أما الذي يهمنا في الموضوع هو التحالف المخالف للطبيعة والمنطق بين التطرف العنصري الغربي وبين العنصرية الإسرائيلية التي أدانها كتاب السيد (جاك مود) وقد سمعنا أصواتا أوروبية كانت معتدلة وموضوعية تحولت الى تبرير حرب الإبادة في غزة ومنها صوت الوزير الأول الفرنسي الأسبق (مانويل فالس) الذي صرح على قناة (بي أف أم) المساندة العمياء لليمين الإسرائيلي بأن المسؤول عن حرب غزة هو «هجوم وحشي للإرهابيين الفلسطينيين على المدنيين الإسرائيليين يوم السابع من أكتوبر»!!! وطبعا كما قال الكاتب الحقوقي (جاك مود) فإن النخبة السياسية الغربية ترفع شعارا مخادعا هو (حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها)! مع سكوتها الفاضح عن حرمان شعب فلسطين من نفس الحق!!!