11 نوفمبر 2025

تسجيل

ثلاثمائةُ يومٍ من الفشلِ لدولِ الحصارِ

05 أبريل 2018

ثلاثمائةُ يومٍ من الفشلِ عاشتها دولُ الحصار، لم تجنِ فيها إلا استنزافَ رصيدها السياسيِّ والأخلاقيِّ والماليِّ، بتمزيقها لمجلسِ التعاونِ، وتفريقها للعربِ، وابتعادها عن المسلمينَ، وتقاربها مع الكيانِ الصهيونيِّ، وظلتْ قابعةً داخلَ قواقعِ جاهليتها وتخلفها الحضاريِّ. واليومَ، لابد لنا من تحليلِ المشهدِ السياسيِّ البائسِ الذي تعيشه، لنتمكنَ من قراءةِ المستقبلِ، فنضعَ تصوراتنا لكيفيةِ مواجهةِ التحدياتِ والتهديداتِ المحتملةِ. 1) الاعتمادُ على العاملِ المتغيرِ سياسياً: فرغم كل الادعاءاتِ والحروبِ الإعلاميةِ التي شنتها وتشنها دول الحصارِ، فإنَّ سياساتها تجاه بلادنا لم تزل مبنيةً على تأثيرِ العاملِ الخارجيِّ، أي الإدارةُ الأمريكيةُ، وهو عاملٌ متغيرٌ محكومٌ بانفعالاتِ ترامب، وميوله الاستعراضيةِ، ونزعاته الدينيةِ المتصهينةِ. وهذا يعني أنَّ تلك الدولَ تدركُ تماماً أنها لا تملك من القدراتِ الذاتيةِ ما يسمحُ لها بتحملِ تبعاتِ ونتائجَ القيامِ بعدوانٍ علينا، أو القيام بمغامرةٍ رعناءَ ضد سلطنة عمان وسواها من دول المنطقةِ التي لا تخضعُ للرؤيةِ المتصهينةِ لإمارةِ الخراب الظبيانيةِ. والملفتُ للنظرِ، هنا، أنَّ وليي العهد الظبياني والسعودي يتعاملانِ مع ترامب وكأنه الحاكمُ المطلقُ القادرُ على اتخاذَ القرارِ الذي يراه مناسباً دون الرجوعِ إلى المؤسساتِ التي تديرُ شؤونَ بلاده. فكأنهما يعتقدانِ أنَّ الولايات المتحدةَ هي مصرُ التي يمكنُ تعيينُ رئيسها، وشراءُ ذمم قياداتها العسكريةِ والسياسيةِ بالمالِ الحرامِ دون أنْ توجد جهةٌ تحاسبُ على التفريطِ بالسيادةِ والمصالحِ. وبالطبعِ، فإنهما، بذلك، يرهنانِ مستقبلَ سياساتِ بلديهما بعاملٍ غيرِ ثابتٍ، مما يجعلنا نطمئنُ إلى فشلهما المؤكدِ في مخططاتهما ضدنا. 2) الخروجُ من التاريخِ: فوليُّ العهدِ السعوديُّ، يتعاملُ مع أخطرِ القضايا باستخفافٍ منقطعِ النظيرِ، وكأنه يدفعُ ببلاده للخروجِ من التاريخِ. فالجميعُ انتظروا أن تشهد المملكةِ على يديه تحديثاً في نظامها السياسيِّ، وتطوراً في بنائها الاجتماعيِّ، لكنه لم يفعل، وإنما قام بتوجيه السياسات الداخلية نحو مزيدٍ من تكميمِ الأفواهِ، وفرضِ الضرائبِ على المواطنينَ دون أن يوفرَ لهم مداخيلَ وإمكاناتٍ حقيقةً تجعلهم قادرينَ على مواجهةِ الغلاءِ، وراضين بوجودِ رويبضاتٍ كتركي آل الشيخ وسعود القحطاني بالقربِ من مركز صناعةِ القرارِ. أما خارجياً، فإنه قطعَ صلاتِ بلاده بالأمةِ الإسلاميةِ علانيةً، فالقدسُ والأقصى ليسا مهمينِ عنده، والإسلامُ الذي يريده، هو ووليُّ عهد أبو ظبي، ليس الإسلامَ الذي يعرفه المسلمونَ، وإنما هو إسلامٌ جديدٌ فيه متسعٌ للقبولِ بالصهاينةِ لكنه يضيقُ كثيراً ولا يتسعُ لتركيا وإيران، ولا يقبلُ بخياراتِ الشعوبِ، ولا يبالي بمآسي المسلمينَ في العالمِ إن كان فيها ربحٌ ماديٌّ، أو كانت سبباً في رضا الوثنِ الترامبي المنصوب في البيت الأبيض. وأدت هذه السياسة إلى زوالِ المكانةِ المعنويةِ للسعودية في قلوب العربِ والمسلمينَ، وفقدانها لأقوى أسلحتها في مواجهة العالمِ. وهذا ضعفٌ شديدٌ لا يمكنُ التنبؤ بمدى سوءِ نتائجه المستقبليةِ إذا لم تتداركه القيادة السعودية بإصلاحاتٍ تبدأ بخروجها من عباءة أبو ظبي التي أساءت إليها بصورةٍ خطيرةٍ. 3) الاعتمادُ على الموتى: فمن المعروفِ أنَّ لجنةَ كبارِ العلماءِ السعوديينَ قد ولدتْ ميتةً سنة 1971م، لكنها ظلت مجمعاً يضمُّ هذا وذاك من المستعدينَ للفتوى حسب الطلبِ. ثم جاء وليُّ العهدِ (بإصلاحاته)، فقضى عليها وعلى سواها من هيئاتٍ تتعيشُ طفيلياً على الدينِ إرضاءً للحاكم، وأجبرها على الحديثِ في السياسةِ فخرجَ العلماءُ متحدثين عن مشروعية حصارِ بلادنا. ثم صمتوا شهوراً، فلم نسمع صوتهم في قضية بيعِ القدسِ والأقصى في صفقة القرنِ، ولا رأيناهم يهتزون نصرةً للمذبوحين في سوريا واليمن، فظننا أنهم أزيلوا تماماً عن خارطة المجتمعِ السعوديِّ، لكن الحقيقة أنهم كانوا مجمدينَ لحين الحاجة إليهم، فخرجت اللجنة، قبل أيامٍ، بتغريدات بائسةٍ تهاجمُ فيها قناةَ الجزيرةِ. فكأنَّ القيادةَ السعوديةَ تتناسى الواقع الذي يخبرنا بأن تأثير علمائها وصلَ إلى الحضيضِ بعدما عرف الجميعُ حقيقتهم.